- *
- أ
- ب
- ت
- ث
- ج
- ح
- خ
- د
- ر
- ز
- س
- ش
- ص
- ض
- ط
- ع
- غ
- ف
- ق
- ك
- ل
- م
- ن
- ه
- و
- ي
ازدِهَارُ عَصْرِ تشِنْغ يُوَان
Prosperity of Zhenguan Era
خلالَ حكمِ الإمبراطورِ «تَايزُونغ -Taizong» (الملقَّبِ بعهدِ «تشِنْغ يُوَان -Zhenguan»)، تمتَّعتْ إمبراطوريَّةُ «تَانغ -Tang» باستقرارٍ سياسيٍّ كبيرٍ وبسلامٍ اجتماعيٍّ ملحوظٍ، وبنموٍّ اقتصاديٍّ سريعٍ وبعلاقاتٍ متناغمةٍ بينَ القوميَّاتِ المختلفةِ. وكانَ الإمبراطورُ «تَايْزُونغ -Taizong» علَى استعدادٍ دائمٍ لاتِّباعِ النَّصيحةِ الحكيمةِ، لأنَّه كانَ علَى درايةٍ بأنَّ الإمبراطورَ «يَانْغ -Yang» مِنْ «سُوِي -Sui» قدْ قضَى علَى نظامِ حكمِه بالغطرسةِ والعنادِ. وقدْ زوَّدَ بلاطَه الملكيَّ بمسؤولِينَ يقولونُ الحقَّ مثلِ «وِي تشِنْغ -Wei Zheng»، و«لِيُو جِي -Liu Ji»، و«سِن ويِنْبِن -Cen Wenben»، و«مَا تشُو -Ma Zhou»، الَّذينَ قدَّمُوا العديدَ من الاقتراحاتِ والانتقاداتِ القيِّمةِ لمساعدتِه علَى اتِّخاذِ القراراتِ الصَّحيحةِ وتحقيقِ الحكمِ الرَّشيدِ. وبفضلِ حكمته في تمييزِ الأخيارِ عَنِ الأشرارِ، قامَ الإمبراطورُ بتطهيرِ حكومتِه مِنَ البيروقراطيِّينَ المرتشِينَ وزوَّدَها بمواهبَ جديرةٍ بالثَّناءِ، مثلِ «فَانْغ شُوَانْلِينْغ -Fang Xuanling» و«دُو رُوهُوِي -Du Ruhui» (وكـلٌّ منهُما نموذجٌ مثاليٌّ للمستشارِ الصَّادقِ) و«يُو شِينَان -Yu Shinan» (العلَّامةُ البارزُ متعدِّدُ الثَّقافاتِ). ولتحفيزِ موظَّفِيه أغدقَ عليهِم بالإخلاصِ والإنصافِ، ونفَّذَ وعودَهُ بالمكافآتِ والعقوباتِ، والتزمَ بالتَّرقيةِ علَى أساسِ الجدارةِ (حتَّى إنَّه كانَ يُرقِّي مَنْ أساؤُوا إلَيه). وفِي الشُّؤونِ القانونيَّةِ، كانَ يثمِّنُ المبادئَ التَّشريعيَّةَ الَّتي تمثِّلُ روحَ اللِّينِ والبساطةِ، وكانَ ينتقِي مسؤولِي تنفيذِ أحكامِ القانونِ مِنْ بينِ الشَّخصيَّاتِ الصَّالحةِ، وذلكَ حتَّى يتجنَّبَ إساءةَ استخدامِ السُّلطةِ، وكانَ أوَّلَ المُلتزِمين بالقانونِ، وكانَ يرفضُ منحَ عفوٍ أو حصانةٍ للنُّبلاءِ، حتَّى لأقاربِه، وبلغَ من اهتمامِه بشؤونِ الحكمِ المحلِّيِّ أنْ حدَّ مِنَ السُّلطةِ الَّتي كانتْ تتمتَّعُ بِها النُّخبةُ الحاكمةُ منذُ مُدَةٍ طويلةٍ وقامَ بتعيينِ مفتِّشِينَ إقليميِّينَ أَكْفاءٍ، فتمكَّنَ من إيجادِ حكومةٍ عادلةٍ غيرِ فاسدةٍ. ولتخفيفِ حدَّةِ العداءِ الطَّبقيِّ، قامَ الإمبراطورُ بتحريرِ العديدِ مِنَ الخادماتِ منْ قصرِه، وألغَى الطُّقوسَ الَّتي تهدرُ الوقتَ والمالَ، وكانَ مقتصِداً فِي شؤونِ حياتِه، وتجنَّبَ الحروبَ غيرَ الضَّروريَّةِ، وخفَّضَ الضَّرائبَ وأعمالَ السُخرةِ، وأدخلَ سياساتٍ اقتصاديَّةً واقعيَّةً، وكانَ متفتِّحَ العقلِ فِي تعاملاتِه معَ القبائلِ العرقيَّةِ، وبذلكَ كسبَ إخلاصَهم فِي الانصياعِ لَه. فعلَى سبيلِ المثالِ، بعدَ أنْ أخضعَ قبيلةَ «تُوجُو -Tujue» الشَّرقيَّةَ المعتدِيةَ وسيطرَ عليهَا، مدَّ يدَ العونِ لمَنِ استسلمُوا لَه وساعدَهم علَى الاستقرارِ، وأسَّسَ مناطقَ إداريَّةً فِي مواطنِ استقرارِهم، فقَلَّتْ بذلكَ الاضطراباتُ في الحُدودِ الشَّماليَّةِ، وخَفَّتْ حِدَّةُ النِّزاعاتِ بينَ المجتمعاتِ العرقيَّةِ. وقدْ أرسلَ بعدَ ذلكَ الأميرةَ «وِينْتشِنغ -Wencheng» لتتزوَّجَ منْ زعيمِ قبيلةِ التِّبْتِ، ليضربَ أروعَ مثلٍ علَى تعزيزِ الصَّداقةِ بينَ «التِّبْتِ -Tibet» و«هَان -Han». وقدْ بشَّرَتْ كلُّ هذِه الجهودِ بالعصرِ الذَّهبيِّ المعروفِ فِي التَّاريخِ باسمِ «ازدهارِ عصرِ «تشِنْغ يُوَان -Zhenguan»»، الَّذي يتشابهُ كثيراً معَ الفترةِ المعروفةِ باسمِ (ازدهارِ عهدِ الإمبراطورَيْنِ «وِن -Wen» وِ«جِينْغ -Jing» (منْ أسرةِ «هَان -Han» الغربيَّةِ). ومعَ ذلكَ، فقدِ اندفعَ الإمبراطورُ «تَايْزُونغ -Taizong» تدريجيّاً فِي سنواتِه الأخيرةِ إلَى حياةِ البذخِ والإسرافِ فِي بعضِ الأحيانِ. كمَا فقدَ بعضَ رغبتِهِ فِي الإصغاءِ إلَى النَّصيحةِ والحفاظِ علَى ترقيةِ المسؤولِينَ علَى أساسِ جدارتِهم وضمانِ إنفاذِ القانونِ بشكلٍ صارمٍ، وفوقَ كلِّ هذَا شنَّ حربَيْنِ علَى مملكةِ «غُوغُورِيُو -Goguryeo»، ذاقَ ويلاتِهِما الشَّعبَانِ الصِّينيُّ والكُوريُّ.
الأسر والعصورازدِهَارُ عَصرِ كَاييُوَان
Prosperity of Kaiyuan Era
قــادَ «لِـــي لُونْغِجِي -Li Longji» (الإمبراطورُ «شُوَانْزُونغ -Xuanzong») إمبراطوريَّةَ «تَانْغ -Tang» إلَى قمَّةِ مجدِها خلالَ عصرِ «كَايِيُوَان -Kaiyuan»، الَّذي كانَ يتمتَّعُ بالاستقرارِ السِّياسيِّ الملحوظِ، والازدهارِ الاقتصاديِّ، والتَّقدُّمِ الثَّقافيِّ والقوَّةِ الوطنيَّةِ. وقدْ كانَ هذَا إنجازاً رائعاً نظراً للفوضَى الَّتي حدثتْ فِي عهدِ الإمبراطورِ «تشُونْغ زونْغ -Zhongzong» والإمبراطورِ «روِيتشُونغ -Ruizhong». وبعدَ إجبارِ «وُو تسِيتِيَان -Wu Zetian» علَى التَّنازلِ عنِ العرشِ، أصبحتِ الحكومةُ المركزيَّةُ غارقةً فِي صراعاتِ السُّلطةِ الَّتي دارتْ بينَ الفصائلِ المتنافسةِ منْ مسؤولِي المحاكمِ، فضلاً عنْ طموحِ بعضِ أفرادِ العائلةِ الإمبراطوريَّةِ، مثلِ أقاربِ «وُو -Wu»، والإمبراطورةِ «وِي -Wei» زوجةِ الإمبراطورِ «تشُونْغ تُسُونْغ -Zhongzong»، وابنتِها الأميرةِ «أَنْلِي -Anle»، والأميرةِ «تَايبِينغ -Taiping» ابنةِ الإمبراطورِ «روتشُونْغ -Ruizhong». وقدِ استمرَّتْ هذِه المعاركُ الدَّاخليَّةُ الشَّرسةُ ومَا تلاهَا مِنِ انقلاباتٍ عنيفةٍ حتَّى عامِ 713م، عندَما اتَّخذَ «لِي لونْغِجي -Li Longji» خطوةً استباقيَّةً للإطاحةِ بخصمِه الأكبرِ، الأميرةِ «تَايبِينغ -Taiping»، فقدِ استعانَ بمستشارِه «يَاو تشُونْغ -Yao Chong» وقامَ باتِّخاذِ مجموعةٍ مِنَ التَّدابيرِ لتصحيحِ السِّياساتِ غيرِ المرغوبِ فيهَا وتحسينِ كفاءةِ الحكومةِ، وتمكَّنَ منْ تعزيزِ سلطتِه بالإغداقِ علَى إخوانِه بمظاهرِ التَّكريمِ والمزايَا العينيَّةِ وبحرمانِهم مِنَ السُّلطةِ الحقيقيَّةِ. ولاستعادةِ المزيدِ مِن الاستقرارِ السِّياسيِّ، أخذَ «لِي لُونْغِجِي -Li Longji» بنصيحةِ «يَاو -Yao» بتطهيرِ حكومتِه مِنَ المسؤولِينَ الفاسدِينَ، وبإجبارِ الرُّهبانِ والرَّاهباتِ البوذيِّينَ غيرِ الجديرِينَ بحياةِ الدِّينِ علَى العودةِ إلَى حياتِهم اللَّادينيَّةِ. وقدْ كانَ المستشارُ «يَاو -Yao» وخلفاؤُه فِي هذَا العصرِ، مثلُ «سُونْغ جِينْغ -Song Jing»، و«تشَانْغ يُوِي -Zhang Yue»، و«هَان شِيُوِي -Han Xiu»، و«تشَانْغ جِيُولِينْغ -Zhang Jiuling»، مضربَ المثلِ فِي السِّياسةِ، فقد قدَّمُوا إسهاماتٍ كبيرةً فِي شؤونِ الدَّولةِ. وقدْ أرسَى الاستقرارُ السِّياسيُّ الأساسَ لمَا جاءَ بعدَه مِنْ تقدُّمٍ اجتماعيٍّ وازدهارٍ اقتصاديٍّ. وشهدَ عصرُ «كَايِيُوَان -Kaiyuan» استصلاحَ مساحاتٍ شاسعةٍ مِنَ الأراضِي القاحلةِ، حتَّى إنَّ بعضَ الجبالِ شديدةِ الانحدارِ والوديانِ تحوَّلت إلَى أرضٍ خصبةٍ. وأدَّتْ وفرةُ المنتجاتِ إلَى انخفاضِ الأسعارِ وازدهارِ التِّجارةِ، فعزَّزَ ذلك وجودَ حركةٍ تجاريَّةٍ سلسةٍ وآمنةٍ. وبفضلِ هذَا الأمنِ والثَّراءِ ازدهرتِ الثَّقافةُ أيضاً، لا سيِّما شعرَ شِي. وفِي هذِه الحقبةِ، ذاعتْ شهرةُ العديدِ مِنَ الشُّعراءِ البارزِينَ، مثلِ «غَاو شِي -Gao Shi»، و«سِن شِين -Cen Shen»، و«وَانْغ وِي -Wang Wei»، ولَا سيَّما «لِي بَاي -Li Bai» و«دُو فُو -Du Fu»، وترعرعَ العلماءُ العشرةُ الأوائلُ فِي عصرِ «دالِي -Dali» (وهمُ الشُّعراءُ المشهورُونَ فِي عهدِ أسرةِ «تَانغ -Tang» الوسطَى). وفِي الوقتِ نفسِه، حقَّق الفنَّانُونَ الصِّينيُّونَ أيضاً إنجازاتٍ ملحوظةً فِي مجالاتٍ أخرَى مثلِ الموسيقَى والرَّسمِ والنَّقشِ والنَّحتِ. ومِنَ الإنجازاتِ البارزةِ الأخرَى فِي هذَا العصرِ القوَّةُ الوطنيَّةُ المنيعةُ لِـ«تَانغ -Tang»، فقدْ عزَّز الإمبراطورُ «شُوَانْزُونغ -Xuanzong» التَّكتُّلَ العسكريَّ فِي المناطقِ الحدوديَّةِ، وفتحَ المزارعَ الَّتي تديرُها الدَّولةُ، ما أدَّى إلَى تحسُّنٍ كبيرٍ فِي الدِّفاعِ الوطنيِّ. ولبناءِ هيكلِ قيادةٍ موحِّدٍ لجيوشِه، قامَ بتعيينِ تسعةِ حكَّامٍ عسكريِّينَ فِي الشَّمالِ والشَّمالِ الغربيِّ والجنوبِ، بالإضافةِ إلَى تعيينِ مفوَّضٍ عسكريٍّ للإشرافِ علَى القوَّاتِ فِي خمسِ محافظاتٍ فِي المنطقةِ الَّتي تغطِّي «غُوَانْغ دُونْغ -Guangdong» و«غُوَانْغِشِي -Guangxi». وبفضلِ هذِه الجهودِ، استعادَتْ «تَانغ -Tang» أراضِيها المفقودةَ، كمَا خضعَتْ لسلطانِها القبائلُ القوميَّةُ فِي سهلِ مَنْغُوليا. وفِي هذِه الأثناءِ، ومعَ الهدوءِ التَّدريجيِّ لحربِ «تَانْغَ -Tang» معَ قبيلةِ «تُوجُو -Tujue» المتأخِّرةِ، توصَّلَ الطَّرفانِ فِي النِّهايةِ إلَى تقاربٍ. ثُمَّ قامَ الإمبراطورُ بعدَ ذلكَ بتنصيبِ مفوَّضٍ حاكماً عسكريّاً مسؤولاً عنْ بلداتِ الحصنِ الأربعِ فِي الأقاليمِ الغربيَّةِ لمنعِ قبيلةِ التِّبْتِ مِنَ التَّوسُّعِ شمالاً، كمَا أضافَ الحامياتِ العسكريَّةَ غربَ جبالِ «لونغَشَان -Longshan» والنَّهرِ الأصفرِ لحمايةِ ممرِّ «هِيشي -Hexi» (وهُو جزءٌ حيويٌّ فِي طريقِ الحريرِ). وقدْ ضمِنَتْ هذِه الجهودُ سلاسةَ وسلامةَ حركةِ التِّجارةِ بينَ الصِّينِ ووسطِ وغربِ آسْيَا. ونتيجةً لذلكَ، امتدَّ التَّقديرُ العظيمُ لِـ«تَانغ -Tang» فِي الدُّولِ المحيطةِ حتَّى وصلَ غربَ آسْيَا، حيثُ توافدَتْ إلَى المملكةِ الوسطَى وفودٌ مِنَ الدِّبلوماسيِّينَ الأجانبِ ورجالِ الأعمالِ. ومعَ ذلكَ، فقدْ صاحبَتِ الازدهارَ أزماتٌ اجتماعيَّةٌ وسياسيَّةٌ عميقةُ الجذورِ. وأدَّى تفاقمُ الاستيلاءِ علَى الأراضِي منْ جانبِ أصحابِ العقاراتِ ذوِي النُّفوذِ إلَى خروجِ العديدِ مِنَ الفلَّاحِينَ منْ منازلِهم، ما دفعَ بعضَ أُسُسِ النِّظامِ -بمَا فِي ذلكَ نظامُ تسويةِ الأرضِ ونظامُ الخدمةِ الإلزاميَّةِ ونظامُ الضَّرائبِ النِّظاميَّةِ- إلَى حافةِ الانهيارِ. وفوقَ كلِّ ذلكَ، كانتِ القوَّاتُ المُتقاعِسةُ الخاضعةُ للسَّيطرةِ المباشرةِ للحكومةِ المركزيَّةِ تشعرُ بالعجزِ أمامَ القوَّاتِ المدجَّجةِ التَّابعةِ للحكَّامِ العسكريِّينَ، وهُو وضعٌ قلبَ ميزانَ القوَى لصالحِ هؤلاءِ الرِّجالِ المحلِّيِّينَ الأقوياءِ، ومهَّدَ الطَّريقَ أمامَ متمرِّدِي «أَنْ-شِي -An-Shi».
الأسر والعصورازدهَارُ عَهْدِ الإِمبرَاطُورَينِ «وِن» و«جِينغ»
Prosperity under Emperors Wen and Jing
إنَّ الاستقرارَ الاجتماعيَّ والنُّموَّ الاقتصاديَّ اللَّذَيْنِ تحقَّقا على يَدَيِ الإمبراطورِ «وِين -Wen» والإمبراطورِ «جِينْغ -Jing» منْ أسرةِ «هَان -Han» الغربيَّةِ، مِنْ خلالِ تطبيقِ سياسةِ الإصلاحِ وإعادةِ التَّأهيلِ الوطنيَّةِ، قدْ رفعَ عهدَهُما إلَى أوجِ ذروةِ الصِّينِ الإقطاعيَّةِ، وجعلَ المؤرِّخِينَ يُطلقُونَ عليهِما (الازدهارَ فِي عهدِ الإمبراطورَيْنِ «وِن -Wen» و«جِينْغ -Jing»). إنَّ الإمبراطورَ «وِن -Wen» جعلَ النُّموَّ الزِّراعيَّ منْ أولويَّاتِه فأصدرَ عدَّةَ مراسيمَ لتشجيعِ المزارعِينَ علَى تطويرِ الزِّراعةِ وتربيةِ دودةِ القزِّ. وفِي الوقتِ نفسِه، قامَ بتخفيضِ الضَّرائبِ (خاصَّةً ضريبةَ الأراضِي، الَّتي انخفضتْ إلَى 1\30 منْ مستوَاها الأصليِّ) وخفَّضَ أعمالَ السُخرةِ، وخفَّفَ منْ قبضةِ السَّيطرةِ علَى نقاطِ التَّفتيشِ لتحفيزِ نموِّ التِّجارةِ. وكانَ «وِن -Wen» ملكاً كريماً إذ ألغَى بعضَ العقوباتِ الجسديَّةِ اللَّاإِنسانيَّةِ مثلِ وشمِ الوجهِ وقطعِ الأنفِ. وكانَ أيضاً منْ كبارِ أنصارِ المعيشةِ المقتصدةِ: فلمْ يشتَرِ أبداً عربةً جديدةً، ولمْ يأمُرْ بإصلاحِ أيِّ قصرٍ. وعلَى صعيدِ الشُّؤونِ الدِّبلوماسيَّةِ، حافظَ الإمبراطورَانِ علَى علاقاتٍ ودِّيَّةٍ معَ الدُّولِ المجاورةِ، فنَعِمتْ إمبراطوريَّةُ هَان بعلاقاتٍ دوليَّةٍ مستقرَّةٍ. وقدْ أرسَى عهدُهُما الأساسَ الاقتصاديَّ القويَّ الَّذي قامَتْ عليه الإنجازاتُ السِّياسيَّةُ والعسكريَّةُ الَّتي حقَّقَها خليفتُهم الإمبراطورُ «وُو -Wu». وقدْ أوردَ المؤرِّخُ «سيمَا تشِيَان -Sima Qian» فِي كتابِه: «سجلَّاتُ مُؤَرِّخٍ» تفاصيلَ باهرةً عنْ ثراءِ الإمبراطوريَّةِ وقتَ اعتلاءِ الإمبراطورِ «وُو -Wu» العرشَ، منهَا تكدُّسُ العملاتِ المعدنيَّةِ الَّتي نُظِمتْ معَ بعضِها فِي خيوطٍ داخلَ خزانةِ البلادِ لفترةٍ طويلةٍ، حتَّى إنَّه مِنْ كثرتِها وطولِ فترةِ تكدُّسِها بَلِيتِ الخيوطُ الَّتي كانتْ تضمُّها إلَى بعضِها فتساقطَتْ منهَا كمِّيَّاتٌ لَا حصرَ لهَا، ومنهَا أيضاً تكدُّسُ الحبوبِ داخلَ الصَّوامعِ والمخازنِ لاستمرارِ إضافةِ الكثيرِ ممَّا يستجدُّ مِنَ الحبوبِ حتَّى طالَ الوقتُ علَى بعضِ الغلالِ المخزونةِ أوَّلاً ففسدَتْ. والشَّاهدُ هنا أنَّ ذلك العصرَ كانَ عصرَ وفرةٍ، سبَبُها الحكمِ الرَّشيدِ للإمبراطورِ «وِين -Wen» والإمبراطورِ «جينْغ -Jing».
الأسر والعصورالأُسَرُ الجنوبيَّةُ (420 - 589م)
Southern Dynasties
اســمٌ عامٌّ يُطلقُ علَى الأُســرِ الأربعِ الَّتي ظهرتْ علَى التَّوالِي فِي جنوبِ الصِّينِ بعدَ انهيارِ أسرةِ «جِين -Jin» الشَّرقيَّةِ فِي عامِ 420م، وهِي أُسرُ: «سُــونْــغ -song»، و«تشِي -Qi»، و«لِيَانْــغ -Liang»، و«تشِين -Chen».
الأسر والعصورالأُسَرُ الجَنُوبِيَّةُ والشَّمَالِيَّةُ
Southern and Northern Dynasties
مرحلةُ المُواجَهَةِ بينَ الأنظمةِ فِي الجنوبِ والشَّمالِ استمرَّتْ منذُ عامِ 386م، عندَمَا تأسَّستْ أسرةُ «وِي -Wei» الشَّماليَّةُ، حتَّى عامِ 589م عندَما وحَّدت أسرةُ «سُوِي -Sui» البلادَ.
الأسر والعصورالأُسَرُ الشَّمَالِيَّةُ (386 - 581م)
Northern Dynasties
أنظمةُ الحكمِ فِي الشَّمالِ في مقابلِ أنظمةِ الحكمِ فِي الجنوبِ فِي تاريخِ الصِّينِ، تمثَّلتِ بدايةً فِي توحُّدِ الشَّمالِ مِنْ قِبلِ «تُوبَا تَاو -Tuoba Tao» (إمبراطورِ «تَايُوو -Taiwu» بأسرةِ «وِي -Wei» الشَّماليَّةِ) عامَ 439م، وتمثَّلتِ النِّهايَّةُ في الإطاحةِ بأسرةِ «تشُو -Zhou» الشَّماليَّةِ مِنْ قِبَلِ «يَانْغ جِيَان -Yang Jian» عامَ 581م لتأسيسِ أسرةِ «سُوِي -Sui». وقدِ استمرَّتِ الأسرُ الشَّماليَّةُ لمدَّةِ 142 عاماً. وشهدتْ هذِه المرحلةُ صعودَ خمسِ أُسرٍ وسقوطَها، وهيَ: «وِي -Wei» الشَّماليَّةُ، و«وِي -Wei» الشَّرقيَّةُ، وَ«وِي -Wei» الغربيَّةُ، و«تشِي -Qi» الشَّماليَّةُ، و«تشُو -Zhou» الشَّماليَّةُ. وهناكَ زعمٌ آخرَ بأنَّ البدايةَ كانتْ عامَ 386م عندَمَا أنشأَ «تُوبَا غُوِي -Tuoba Gui» أسرةَ «وِي -Wei» الشَّماليَّةَ، فِي حينِ كانتِ النِّهايةُ عامَ 589م عندَمَا قضَى «يَانْغ جِيَان -Yang Jian» (إمبراطورُ «وِين -Wen» منْ أسرةِ «سُوِي -Sui») علَى أسرةِ «تشِن -Chen» الحاكمةِ لتوحيدِ البلادِ. وقدْ أسَّسَ رجالُ القبائلِ بسهوبِ شِيَانْبِي أُسرةَ «وِي -Wei» الشَّماليَّةَ، معَ تولِّي الإمبراطورِ «شِيَاوْوِين -Xiaowen» الحكمَ عامَ 471م. وبعدَ نقلِ عاصمتِها مِنْ «بِينْغتشِنْغ -Pingcheng» إلَى «لُويَانغ -Luoyang»، بدأَ الإمبراطورُ «شيَاوْوِين -Xiaowen» سلسلةً مِنَ الإصلاحاتِ. ولِوَلعِهِ بالثَّقافةِ الصِّينيَّةِ، عملَ الإمبراطورُ «إِكْسِيَاوِين» علَى إضفاءِ الطَّابعِ الصِّينيِّ، وقامَ بدعمِ ملابسِ الهانِ وحظرَ اللَّهجةَ المحلِّيَّةَ، وغيَّرَ الأوزانَ والمقاييسَ ونشرَ التَّعليمَ، وشجَّعَ التَّزاوُجَ بينَ أبناءِ شعبِه وشعبِ الـ«هانِ -Han». وبالنِّسبةِ لإدارةِ الأراضِي ونظامِ السُّخرةِ، تمَّ تأسيسُ نظامِ المساواةِ فِي الحقولِ، ونظامِ الرُّؤساءِ الثَّلاثةِ ونظامِ الضَّرائبِ والأسرِ المعيشيَّةِ. وبفضلِ إضفاءِ الطَّابعِ الصِّينيِّ، أُدمجتِ الثَّقافةُ المُتقدِّمةُ والأنظمةُ الاجتماعيَّةُ لشعبِ «الهانِ -Han» في نظامِ حكمِ أسرةِ «وِي -Wei» الشَّماليَّةِ. كمَا بدأَتْ مسيرةُ الانصهارِ القوميِّ فِي شمالِ الصِّينِ، وقدْ بدأتْ فِي زمنِ ازدهارِ مجتمعِ «وِي -Wei» الشَّماليِّ. وبعدَ وفاةِ الإمبراطورِ «شِيَاوْ وِن -Xiaowen»، بدأتْ أسرةُ «وِي -Wei» الشَّماليَّةُ فِي السُّقوطِ. وخلالَ السَّنواتِ الثَّلاثينَ التَّاليةِ، ألغَى حكَّامُ أسرةِ «وِي -Wei» الشَّماليَّةِ السِّياساتِ الوطنيَّةَ الموضوعةَ مِنْ قبلُ، واستعادُوا امتيازاتِ قبيلةِ «شِيَانْبِي -Xianbei»، فأدَّى ذلك إلَى حدوثِ تناقضاتٍ جديدةٍ. ونظراً لاستيائِه مِنَ الوزيرِ القويِّ «غَاوْ هُوَان -Gao Huan»، ذهبَ الإمبراطورُ «وُودِي -Wudi» إلَى «يُو وِينْتَاي -Yu Wentai» بحثاً عنْ مأوىً فِي عامِ 534م. وقامَ «غَاوْ هُوَان -Gao Huan» بتنصيبِ «يُوَان شَانْجيان -Yuan Shanjian» البالغِ مِنَ العمرِ 11 عاماً إمبراطوراً بأسرةِ «وِي -Wei» الشَّرقيَّةِ، واتَّخذَ «يتِشِينْغ -Yecheng» عاصمةً لبلادِه. ولمْ يمضِ وقتٌ طويلٌ علَى ذهابِه إلَى المنفَى، حتى قامَ «يُو وِينْتَاي -Yu Wentai» بقتلِ الإمبراطورِ «شِيَاوْوُو -Xiaowu»، وتمَّ تنصيبُ «يُوَان بَاوْجُو -Yuan Baoju» إمبراطوراً بأسرةِ «وِي -Wei» الغربيَّةِ، واتَّخذَ «تشَانْغَآن -Chang’an» عاصمةً لبلادِه.
الأسر والعصورأُسْرَةُ تشُو الشَّرقيَّةُ (770 - 256 ق.م)
Eastern Zhou Dynasty
عادةً مَا يُقسِّمُ المؤرِّخُونَ عهدَ هذِه الأسرةِ إلَى حِقبةِ الرَّبيعِ والخريفِ، وحِقبةِ الدُّولِ المُتحارِبَةِ.
الأسر والعصورأُسرَةُ «تشُو» الغَربِيَّةِ (1046 - 771 ق.م)
Western Zhou Dynasty
هِي الأُسرةُ الصِّينيَّةُ الثَّالثةُ، أسَّسَهَا الملكُ «وُو -Wu» منْ أسرةِ «تشُو -Zhou» عامَ 1046م قبلَ سقوطِ أسرةِ «شَانْغ -Shang». انتهَى حكمُ تلكِ الأسرةِ فِي عامِ 771 قبلَ الميلادِ بعدَ مَقتلِ الملكِ «يُو -You». وعلَى الرَّغمِ منْ أنَّ قصَّةَ الملكِ «وُو -Wu» معروفةٌ فِي الرِّوايةِ الأُسطوريَّةِ الكِلاسيكيَّةِ «تنصيبُ الآلهةِ»، فإنَّ غزواتِه ظلَّتْ حدثاً تاريخيّاً حقيقيّاً.
الأسر والعصورأُسرَةُ تشِين (221 - 207 ق.م)
Qin Dynasty
هيَ أوَّلُ أسرةٍ حكمتِ الصِّينَ دولةً مُوحَّدةً، وقدْ أسَّسهَا الملكُ «يِينْغ تشينغ -Ying Zheng» مِنْ «تشِين -Qin»، وكانتْ دولةً تابعةً فِي حقبةِ الممالكِ المُتحارِبةِ، وفِي عامِ 221 ق.م وبعدَ أنْ حقَّق انتصاراً علَى جميعِ مَا بقِيَ مِنَ الدُّولِ المُستقِلَّةِ، قامَ بتنصيبِ نفسِه باسمِ «تشِين شِي هُوَانْغ -Qin Shi Huang» (أوَّلِ إمبراطورٍ لـ«تشين -Qin»)، وكانَ يأمُلُ أن تَحكُمَ أسرتُهُ الإمبراطوريَّةَ إلَى الأبدِ.
الأسر والعصورأُسرَةُ تشِينغ (1616 - 1911م)
Qing Dynasty
هيَ آخِرُ الأُسرِ الإقطاعيَّةِ فِي التَّاريخِ الصِّينيِّ، أسَّسهَا زعماءُ مِنْ «مَنْشُوريا -Manchuria». وفِي عامِ 1616م (العامِ الرَّابعِ والأربعينَ مِنْ حكمِ الإمبراطورِ «وَانْلِي -Wanli» مِنْ أسرةِ «مِينْغ -Ming» أعلنَ «نُورْهَاشِي -Nurhachi»، شيخُ قبيلةٍ مِنْ قبائلِ «الجُورْشِن -Jurchen» الصَّغيرةِ («آيْشِن غِيُورُو -Aisin Gioro»)، عنْ تنصيبِ نفسِه زعيماً (خَان -Khan) لسلالةِ «جِين -Jin» العظيمةِ (أوْ الَّتي سمَّاهَا المُؤرِّخُونَ الصِّينيُّون فيمَا بعدُ باسمِ «جين -Jin») وذلكَ إشارةً إلى أسرةِ «الجُورْشِن -Jurchen» السَّابِقَةِ. وفِي عامِ 1636م (العامِ التَّاسعِ مِنْ حُكمِ الإمبراطورِ «تشُونْغِتشين -Chongzhen» مِنْ سلالةِ «مِينْغ -Ming»)، تولَّى «هُوَانْغتَايْجِي -Huangtaiji» (الابنُ الثَّامِنُ لـ«نُورْهَاتشي -Nurhachi») مقاليدَ الحكمِ، وأعادَ تسميةَ الإمبراطوريَّةِ باسمِ إمبراطوريَّةِ «تشِينغ -Qing» العُظمَى.
الأسر والعصور