الأُسَرُ الجنوبيَّةُ (420 - 589م)Southern Dynasties
اســمٌ عامٌّ يُطلقُ علَى الأُســرِ الأربعِ الَّتي ظهرتْ علَى التَّوالِي فِي جنوبِ الصِّينِ بعدَ انهيارِ أسرةِ «جِين -Jin» الشَّرقيَّةِ فِي عامِ 420م، وهِي أُسرُ: «سُــونْــغ -song»، و«تشِي -Qi»، و«لِيَانْــغ -Liang»، و«تشِين -Chen».
وكانتْ مدينةُ «جِيَانْكَانْغ -Jiankang» عاصمةَ الأُسرِ الأربعِ، وقدْ أسَّسَ هذِه الأسرَ «لِيُو يُو -Liu Yu»، و«شِيَاو دَاوتشِنْغ -Xiao Daocheng»، و«شِيَاو يَان -Xiao Yan»، و«تشِن بَاشِيَان -Chen Baxian» علَى التَّوالِي. لكنَّ جميعَ تلكَ الأُسَرِ لمْ تدمْ طويلاً، فقد شهدتْ هذه الحقبةُ من تاريخِ الصِّينِ تغيراتٍ سريعةً في تلكَ الأُسَرِ الحاكمةِ.
وقدِ اتَّسعتِ المِنطقة الَّتي تقعُ تحتَ حكمِهَا إلَى أقصَى حدٍّ فِي عهدِ «لِيُو سُونْغ -Liu Song»، بينَمَا كانتْ أقلَّ مساحةً فِي عهدِ «تشِين -Chen»، وكانَ ذلكَ وقتُ انقسامِ الصِّينِ إلَى الجنوبِ والشَّمالِ، حيثُ كانتْ أسرةُ «تشِي -Qi» الشَّماليَّةُ وأسرةُ «وِي -wei» الشَّماليَّةُ وأسرةُ «تشُو -Zhou» الشَّماليَّةُ (ويُعرفُ ثلاثتُهُم تاريخيّاً باسمِ الأُسرِ الشَّماليَّةِ) تحكمُ الشَّمالَ، وكانتِ الأُسرُ الجنوبيَّةُ تحكمُ الجنوبَ. وتُعرفُ هذِه السُّلالاتُ مجتمِعةً باسمِ «السُّلالاتِ الجنوبيَّةِ والشَّماليَّةِ».
وقدْ تحقَّقَ توحيدُ الصِّينِ بإسقاطِ أسرةِ «تشُو -Zhou» الشَّماليَّةِ فِي الشَّمالِ فِي عامِ 581م، وبالإطاحةِ بأسرةِ «تشِين -Chen» فِي الجنوبِ فِي عامِ 589م علَى أيدِي أسرةِ «سُوِي -Sui».
تَغيِيرُ النِّظَامِ
بعدَ أنْ نجحَ «لِيُو يُو -Liu Yu» مُؤسِّسُ أسرةِ «سُونْغ -song» فِي إسقاطِ أسرةِ «جِين -Jin» وإقامةِ نظامٍ خاصٍّ بِه فِي عامِ 420م، بدأَ فِي التَّخلُّصِ منْ سوءِ الإدارةِ الَّذي تفشَّى فِي عهدِ أسرةِ «جِين -Jin» الشَّرقيَّةِ، وعمِلَ علَى بثِّ الرُّوحِ فِي عمليَّةِ التَّنميةِ الاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ.
وبعدَ وفاتِه، خلفَه علَى العرشِ الإمبراطورُ «شَاو -Shao»، وبعدَه الإمبراطورُ «وِين -Wen».
ارتقَى الإمبراطورُ «شَاو -Shao» (الَّذي بذلَ قُصارَى جهدِه خلالَ مدَّةِ حكمِه الَّتي امتدَّتْ 30 عاماً) بأسرةِ «سُونْغ -song» الحاكمةِ حتَّى بلغتْ ذُروتَهَا، ودفعَ عجلةَ التَّنميةِ الاجتماعيَّةِ والاقتصاديَّةِ فِي الجنوبِ إلَى المَسارِ السَّريعِ للتَّنميةِ.
إلَّا أنَّ الإمبراطورَ «وِين -Wen» سلكَ النَّهْجَ المُخالِفَ، وبعدَ تولِّيهِ العرشَ خرجَ علَى رأسِ حملةٍ عسكريَّةٍ نحوَ الشَّمالِ لمُهاجمةِ أسرةِ «وِي -Wei» الشَّماليَّةِ، ليتكبَّدَ خسائرَ كبيرةً جرَّاءَ ذلكَ.
وقدِ اتَّسمتْ بعضُ الفَتَراتِ بالسَّلامِ والاستقرارِ النِّسبيِّ، حيثُ كانتْ أسرةُ «وِي -Wei» الشَّماليَّةُ تُعانِي أيضاً الاضطرابَ السِّياسيَّ الحادَّ، معَ عدمِ قُدرةِ الجنوبِ أوِ الشَّمالِ علَى شنِّ حربٍ حاسمةٍ.
لكنَّ نزاعاً بينَ العَشائرِ اندلعَ داخلَ البلاطِ الملكيِّ لأسرةِ «سُونْغ -song»، وترتَّبَ عليْه أنِ اغتالَ وليُّ العهدِ «لِيُو شَاو -Liu Shao» والدَه الإمبراطورَ «وِين -Wen» فِي مؤامرةٍ لاغتصابِ العرشِ، وبعدَها اغتالَهُ شقيقُه الأصغرُ «لِيُو جُون -Liu Jun». فاستغلَّ «شِيَاو دَاوْتشِنْغ -Xiao Daocheng» قائدُ الحرسِ الإمبراطوريِّ هذَا الوضْعَ المضْطربَ، واستولَى علَى السُّلطةِ، وبذلكَ ألغَى أسرةَ «سُونْغ -song» رسميّاً، وبدأَ أسرةَ «تشِي -Qi» فِي عامِ 479م.
أسَّسَ «شِيَاو دَاوتشِنْغ -Xiao Daocheng» أسرةَ «تشِي -Qi»، وهِي الأسرةُ الثَّانيةُ فِي ترتيبِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ. ومنْ أجلِ أنْ يُخضِعَ المزيدَ مِنَ العَشائرِ لسيطرتِهِ المباشرةِ ليجمعَ المزيدَ مِنَ الضَّرائبِ، ويُوسِّعَ نِطاقَ العملِ القَسْريِّ، أطلقَ نظامُ «تشِي -Qi» حملةً لفرزِ الأرستُقْراطيِّين الَّذين يتمتَّعُونَ بامتيازاتٍ خاصَّةٍ وبحُريَّةِ فرضِ العملِ القسْريِّ، ووجَّهتْ هذه الحملةُ سِهامَهَا نحوَ أصحابِ العَقاراتِ العاديِّين ممَّنْ زَوَّرُوا سِجِلَّاتِ الأُسرِ المنزليَّةِ للحصولِ علَى امتيازاتٍ، ولأنَّ تلكَ الحملةَ مثَّلتْ تهديداً للمصالحِ المُباشرةِ لأصحابِ العقاراتِ العاديَّةِ، لذلكَ أثارتْ حادثةً تُعرفُ فِي التَّاريخِ الصِّينيِّ باسمِ ثورةِ «تَانْغ يُوتشِي -Tang Yuzhi».
بالإضافةِ إلَى ذلكَ، فإنَّ طغيانَ الحاكمِ، وفرضَ المزيدِ مِنَ الضَّرائبِ الباهظةِ، واستمرارَ النِّزاعاتِ المُحْتدِمةِ بينَ العَشائرِ فِي البلاطِ الإمبراطوريِّ، تسبَّبَ فِي تحويلِ الوضعِ السِّياسيِّ منْ سيّىءٍ إلَى أسوأَ، وتفاقمتِ الأزمةُ الاجتماعيَّةُ يوماً بعدَ يومٍ. وفِي هذِه الأثناءِ، انتهكَ الإمبراطورُ الإصلاحيُّ «شِيَاو وِين -Xiaowen» منْ أسرةِ «وِي -Wei» الشَّماليَّةِ الحدودَ الشَّماليَّةَ مِراراً وتَكراراً.
وفِي ظلِّ المشاكلِ الدَّاخليَّةِ والخارجيَّةِ، تم إسقاط أسرة «تشِي -Qi» فِي عامِ 502م علَى أيدِي «شِيَاو يَان -Xiao Yan» شقيقِ عَشيرةِ «شِيَاو دَاوتشِنْغ -Xiao Daocheng»، وبدأَ «شِيَاوْ يَان -Xiao Yan» أسرةَ «لِيَانْغ -Liang» وتوَّجَ نفسَه بلقبِ الإمبراطورِ «وُو -Wu»، وظلَّ فِي سُدَّةِ الحكمِ لأكثرَ منْ 40 عاماً، عمِلَ خلالَها بجدٍّ علَى إقامةِ الحكمِ الرَّشيدِ والتَّشجيعِ علَى تطويرِ التَّعليمِ، لكنَّه لمْ يُوفَّقْ فِي إدارةِ الحكمِ علَى الوجهِ المطلوبِ، ولأنَّهُ اتَّعظَ بمَا حصل سابقاً من اضطراباتٍ منْ جَرَّاءِ النِّزاعاتِ المُحْتدِّمةِ داخلَ البلاطِ الملكيِّ، حاولَ بذْلَ قُصارَى جهدِهِ لتسويةِ الخِلافاتِ بينَ أفرادِ الطَّبقةِ الحاكمةِ، لكنَّه بالغَ وتجاوزَ الحدَّ، فتغاضَى عنْ وُزرائِهِ الَّذين يستغلُّون العامَّةَ، فِي حينِ ضربَ بحقوقِ عامَّةِ الشَّعبِ عُرضَ الحائطِ.
وخلالَ مُدَّةِ حُكمِهِ، تدهورتْ أحوالُ أسرةِ «وِي -Wei» فِي الشَّمالِ، ولمْ تعدْ تشكِّلُ تهديداً للجنوبِ، وبالتَّالِي لاحتْ لنظامِ «لِيَانْغ -Liang» فُرصةٌ نادرةٌ للقيامِ بالحَمَلاتِ التَّوسُّعيَّةِ، فأطلقَ حملتَيْن عسكريَّتَيْن فِي الشَّمالِ، خرجتْ إحداهما فِي عامِ 504م، والأُخرَى فِي عامِ 507م، لكنَّهُمَا رجعتَا بخُفَّيْ حُنَيْنٍ.
وفِي عامِ 548م، تمرَّدَ «هُو جِينْغ -Hou Jing»، وهُو أحدُ الجِنِرالاتِ منْ أسرةِ «وِي -Wei» الشَّرقيَّةِ، وقد انشقَّ لِيَلْتحقَ بنظامِ «لِيَانْغ -Liang»، ثُمَّ استولَى علَى «جِيَانْكَانْغ -Jiankang» وأسرَ الإمبراطورَ «وُو -Wu»، وألقَى بِه فِي السِّجْنِ حتَّى وافتْه المنيَّةُ. وقدْ شكَّلَ هذَا التَّمرُّدُ الَّذي نظَّمَه «هُو جِينْغ -Hou Jing» ضربةً قويَّةً لنِظامِ «لِيَانْغ -Liang»، الَّذي كانَ قدْ نَخَرَ فِيه الفسادُ بالفعلِ فِي سنواتِه الأخيرةِ، ودفعَ عهدَ الأُسَرِ الجنوبيَّةِ إلَى نهايتِه الحتْميَّةِ.
وبالرَّغمِ منْ أنَّ أسرةِ «شِيَاو -Xiao» تمكَّنتْ مِنَ العودةِ لاحقاً، إلَّا أنَّ نفوذَها الوطنيَّ تراجعَ تدريجيًّا.
وفِي عامِ 557م، أطاحَ «تشِن بَاشِيَان -Chen Baxian» (الَّذي لمعَ نَجمُه خلالَ حملةِ العُقابِ العسكريَّةِ ضدَّ «هُو جِينْغ -Hou Jing») بالنِّظامِ، وأسَّسَ أسرةَ «تشِن -Chen»، وبذلكَ أنهَى عهدَ أسرةِ «لِيَانْغ -Liang».
وبعدَ أنْ نجحَ «تشِن بَاشِيَان -Chen Baxian» فِي إسقاطِ الإمبراطورِ «جِينْغ -Jing» منْ أسرةِ «لِيَانْغ -Liang»، نصَّبَ نفسَه إمبراطوراً، ولقَّبَ نفسَه الإمبراطورَ «وُو -Wu» منْ «تشِن -Chen»، وأطلقَ علَى عهدِه لقبَ «تشِن -Chen».
تقَلَّصتْ مساحةُ الأراضِي الَّتي تخضعُ لحكمِ أسرةِ «تشِن -Chen» كثيراً عمَّا كانتْ عليْه فِي السَّابقِ أثناءَ عهدِ أُسرتَيْ «سُونْغ -Song» أو «لِيَانْغ -Liang»، كمَا اضطرَّتْ أسرةُ «تشِن -Chen» إلَى مُحاربةِ القُوَّاتِ المُواليةِ لأسرةِ «لِيَانْغ -Liang» فِي الجنوبِ، ومُواجهةِ التَّهْديداتِ القادمةِ منْ أسرتَيْ «تشِي -Qi» و«تشُو -Zhou» فِي الشَّمالِ.
أمَّا علَى الصَّعيدِ المحلِّيِّ: فقدْ كانَ بعضُ المستبدِّين يُثيرون المَشاكلَ فِي الجنوبِ، وترتَّبَ علَى كلِّ ذلكَ أنِ ازدادتِ الأمورُ تعقيداً وسوءاً بالنِّسبةِ لنظامٍ حديثِ النَّشأةِ. والذي زادَ الطِّينَ بِلَّةً تقاعُسُ الأرستقراطيِّينَ فِي جميعِ أنحاءِ البلادِ عنْ تحقيقِ أيَّ إنجازٍ سياسيٍّ، فأدَّى ذلك إلَى تشويهِ سُمْعتِهِم الاجتماعيَّةِ، وانهيارِ وَضْعِهُم الاقتصاديِّ يوماً بعدَ يومٍ، فلمْ يَبْقَ لهُم حظٌّ مِنْ نظامِ «النَّبالةِ -nobility» سوَى اللَّقبِ.
وبحُلولِ عامِ 583م، أمسكَ «تشِنْ شُوبَاو -Chen Shubao» بِزِمامِ السُّلطةِ، وكانَ آخرَ أباطرةِ هذِه الأسرةِ الحاكمةِ، وكانَ الشَّمالُ قدْ توحَّدَ بالفعلِ تحتَ رايةِ أسرةِ «سُوِي -Sui».
وفِي ظلِّ حاكمِهَا العاجزِ المُترفِ أُبيدتْ أسرةُ «تشِن -Chen» علَى أيدِي أسرةِ «سُوِي -Sui» بعدَ ستِّ سنواتٍ فِي عامِ 589م، وترتَّبَ علَى ذلكَ توحُّدُ الجنوبِ والشَّمالِ فِي أرضٍ واحدةٍ.
المجتمعُ والاقتِصَادُ
وفَّر الاستقرارُ الاجتماعيُّ النِّسبيُّ فِي عهدِ الأُسَرِ الجنوبيَّةِ بيئةً جيِّدةً إلَى حدٍّ مَا لتعزيزِ التَّنميةِ الاقتصاديَّةِ، وكانَ كبارُ المسؤولِين فِي البلاطِ الإمبراطوريِّ والعائلاتُ الأرستقراطيَّةُ خلالَ هذِه الحقبةِ يمتلكُون مساحاتٍ كبيرةً مِنَ الأراضِي، ليسَ هذَا فحسبْ، بلْ إنَّهُم أغلقُوا سُفوحَ التِّلالِ والبحيراتِ لاحتكارِ المواردِ، وحرموا عامَّةَ النَّاسِ منْ فُرَصِ جمعِ الحَطَبِ والصَّيدِ، واقتطعَ ذلكَ أيضاً منْ إيراداتِ الحكومةِ. وللحدِّ مِنْ هذِه الممارساتِ، تحتَّمَ إصدارُ القواعدِ الإمبرياليَّةِ فِي السَّنواتِ الأولَى منْ عهدِ الإمبراطورِ «دَامينْغ -Daming».
وبمجرَّدِ تولِّي الإمبراطورِ «غَاو -Gao» منْ أسرةِ «تشِي -Qi» مقاليدَ الحكمِ، صدرَ مرسومٌ إمبراطوريٌّ بحظرِ إغلاقِ التِّلالِ أوِ البحيراتِ، وكانَ مُلَّاكُ الأراضِي منْ الفلَّاحِين الَّذين يزرعُون قِطَعاً صغيرةً مِنَ الأرضِ المَصْدرَ الأساسيَّ لجَنْيِ الضَّرائبِ خلالَ عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ. وبالإضافةِ إلَى ضرائبِ الأراضِي، أُجبرَ عامَّةُ الشَّعبِ علَى دفعِ ضرائبَ ورسومٍ أخرَى باهظةٍ، بالإضافةِ إلَى القيامِ بأنواعٍ مختلِفةٍ مِنَ الأشغالِ.
وبفضلِ التَّدفُّقِ الهائلِ للقوَى العاملةِ مِنَ الشَّمالِ إلَى الجنوبِ، تحسَّنتْ وسائلُ الإنتاجِ والتِّكنولوجيَا، وتطوَّرتِ استراتيجيَّاتُ الحفاظِ علَى المياهِ والرَّيِّ، وتقدَّمتْ طرقُ الزِّراعةِ إلَى جانبِ استصلاحِ الأراضِي القاحلةِ وزيادةِ أنواعِ المحاصيلِ المزروعةِ وإنتاجِهَا.
كمَا شهدتْ صناعةُ الحِرفِ اليدويَّةِ -الَّتي كانتْ تحتَ السَّيْطرةِ الرَّسميَّةِ- مرحلةً جديدةً مِنَ التَّطوُّرِ خلالَ عهدِ الأُسَرِ الجنوبيَّةِ، وحقَّقتْ إنجازاتٍ بارزةً فِي تشكيلِ الخزفِ المُزجَّجِ وتزيينِه.
وفِي ظلِّ هذَا التَّقدُّمِ فِي الإنتاجِ الاجتماعيِّ، ارتفعَ مُعدَّلُ إنتاجِ المحاصيلِ، وعرضَ الفلَّاحُون فوائضَهُم للبيعِ. لكنْ فِي هذِه الأثناءِ حاولَ بعضُ أعضاءِ العَشيرةِ الإمبراطوريَّةِ إلَى جانبِ المسؤولِين أصحابِ النُّفوذِ والنُّبلاءِ التَّربُّحَ عنْ طريقِ إنشاءِ المرافقِ التِّجاريَّةِ أو إقراضِ المالِ بالرِّبَا، وأصبحتْ «جِيَانْكَانْغ -Jiankang» المركزَ السِّياسيَّ والاقتصاديَّ فِي الجنوبِ منذُ عهدِ دولةِ «وُو -Wu» خلالَ حِقْبَة الممالكِ الثَّلاثِ، وأكبرَ مدينةٍ تِجاريَّةٍ بحُلولِ عصرِ الأُسَرِ الجنوبيَّةِ، وعاصمةً يندرُ أنْ يوجدَ لهَا مثيلٌ فِي بعضِ أنحاءِ العالمِ فِي القرنِ السَّادسِ الميلاديّ.
ومِنَ المُدُنِ التِّجاريَّةِ الَّتي ازدهرتْ خلالَ هذِه الحقبةِ مدينتَا «جِيَانْغ لِينْغ -Jiangling» و«تشِنْغ دُو -Chengdu». كمَا كانتْ مدينتَا «شِيَانْغيَانْغ -Xiangyang» و«شُوتشُون -Shouchun» منْ مراكزِ الأسواقِ الرَّئيسةِ لتِجارةِ المُقايضةِ بينَ الجنوبِ والشَّمالِ. فِي حينِ تطوَّرتْ مدينةُ «غُوَانزو -Guangzhou» لتُصبحَ مركزاً للتِّجارةِ الخارجيَّةِ.
الاندِمَاجُ العِرْقِيُّ
شَمَلَتِ القوميَّاتُ الَّتي تعيشُ فِي الجنوبِ قوميَّاتِ: «مَان -Man»، و«شِي -Xi»، و«لِي -Li»، و«لِيَاو -Liao» علَى وجهِ التَّحديدِ، وشكَّلتْ قوميَّةُ «مَان -Man» الأغلبيَّةَ، واستولتْ علَى معظمِ الأراضِي، وكانَ أفرادُها يزرعُون الأرُزَّ والدُّخْنَ، ويصنعونَ القُماشَ والحريرَ، مثلَ: شعبِ «الْهَانِ -Han».
كمَا حكمَ العديدُ منْ زعماءِ العشائرِ عدداً كبيراً مِنَ القبائلِ، وأُنشئتْ مناطقُ القيادةِ والمدنُ خلالَ هذِه الفترةِ منْ أجلِ تسهيلِ إدارةِ الحكمِ، وقدْ تنامَى عددُ مناطقِ القيادةِ والمدنِ باستمرارٍ بسببِ توسيعِ سُبلِ التَّواصُلِ والاندماجِ بينَ شعبِ «الهَانِ -Han» والقوميَّاتِ الأخرَى.
وخلالَ عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ، لمْ يجمعِ البلاطُ الإمبراطوريُّ ضرائبَ الحبوبِ إلَّا منْ قوميَّةِ «مَان -Man» فِي مقابلِ إعفائِهم مِنَ العملِ القَسْريِّ، إلَّا أنَّهُم تعرَّضُوا للقمعِ والاستغلالِ فِي بعضِ الأحيانِ، لا سِيَّما عندَمَا فرضَ عليهِم بعضُ المسؤولِين المحلِّيِّين ضرائبَ ورسوماً باهظةً، لكنَّهُم كانُوا يتصدَّون عادَةً لهذِه المُمَارساتِ، بينَمَا كانَ يُنفَى بعيداً عنْ وطنِ أجدادِه مَنْ يقعُ منهُم فِي قَبْضةِ الحكومةِ، ويُجبرُ علَى الخِدْمةِ العسكريَّةِ أو ينتهِي بِه الأمرُ فِي أَسْرِ الرِّقِّ.
وقد عاشَتْ قوميَّةُ «شِي -Xi» على الأغلبِ فِي جنوبِ «جِيَانْغتشُو -Jiangzhou» و«شِيَانْغتشُو -Xiangzhou» وفي شَمالِ «غوَانْزو -Guangzhou»، واشتُهِرَ أفرادُها بالشَّجاعةِ والمهارةِ الحربيَّةِ. كمَا اندمجُوا معَ شعبِ «الْهَانِ -Han» فِي مرحلةٍ مُبكِّرةٍ نسبيًّا، ويتبيَّنُ ذلكَ بالنَّظرِ إلَى حالِ الجِنِرالِ «تَاو كَان -Tao Kan» منْ أسرةِ «جِين -Jin» الشَّرقيَّةِ، والجِنِرالِ «هُو كَايْتشِي -Hu Kaizhi» منْ أسرةِ «تشِي -Qi»، إذ كانَ يصعبُ تمييزُهُمَا عنْ شعبِ «الهَانِ -Han».
أمَّا قوميَّةُ «لِي -Li» الَّتي كانتْ تُعرفُ أيضاً باسمِ قوميَّةِ «لِيلِيُو -Liliao»، فقدْ عاش أبناؤُها فِي «جِيَاوْتشُو -Jiaozhou»، و«غوَانْزو -Guangzhou»، و«يُوِيتشُو -Yuezhou».
وقدْ حُبِيَ موطنُ قوميَّةِ «لِي -Li» بوَفْرةِ المواردِ، فكانَ يزخرُ بثروةٍ هائلةٍ مِنَ الفِضَّةِ واللُّؤلؤِ واليَشْمِ ووحيدِ القَرْنِ والفِيَلةِ.
وفيمَا يتعلَّقُ بمساحةِ الأرضِ الصَّغيرةِ الواقعةِ تحتَ حكمِهِم، فقدْ أولتْ أسرةُ «لِيَانْغ -Liang» وأسرةُ «تشِين -Chen» أهمِّيَّةً خاصَّةً بتطويرِ هذِه البُقْعةِ مِنَ الأرضِ. وشكَّلتْ قوميَّةُ «لِيَاو -Liao» فرعاً منْ فروعِ شعبِ «نَانْمَان -Nanman» (البَرابِرةِ الجنوبيِّين). وفِي منتصفِ القرنِ الرَّابعِ انتقلُوا مِنَ الجنوبِ سعياً إلَى الاستقرارِ فِي مِنطقة «بَاشُو -Bashu» لَا سيَّمَا فِي «لِيَانْغتشُو -Liangzhou» و«يِيتشُو -Yizhou»، ولأَنَّهُم كانُوا يشتغِلون غالباً بالزِّراعةِ، استغَلَّهُم البلاطُ الإمبراطوريُّ بشدَّةٍ خلالَ حقبةِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ، وكُلَّمَا رفعُوا السِّلاحَ فِي وجهِ هذَا الاستغلالِ، أُلْقِيَ القبضُ عليهِم، ووُضِعَ معظمُ المُتمرِّدِين منهُم فِي قَبْضةِ الرِّقِّ.
أمَّا قوميَّةُ «كُوَانْ -Cuan» فقدْ تركَّزتْ فِي «نِينْغتشُو -Ningzhou» (هي مُقاطعةُ «يُونَّان -Yunnan» الحاليَّةُ).
ويتبيَّنُ مِنَ السِّجِلَّاتِ التَّاريخيَّةِ، أنَّ المحكمةَ الإمبراطوريَّةَ عَيَّنتْ مَا يقاربُ 30 محافِظاً لحكمِ هذِه المِنطقة منذُ عهدِ أسرةِ «جِين -Jin» الشَّرقيَّةِ إلَى عهدِ أسرةِ «لِيَانْغ -Liang».
الثَّقَافَةُ
تطوَّرَ الأدبُ والتَّاريخُ والفلسفةُ والدِّينُ والفنُّ والعلومُ، واتَّسمُوا بميزاتٍ فريدةٍ خاصَّةٍ في عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ، وتركُوا أثراً بالغاً واسعَ النِّطاقِ في الأجيالِ التَّاليةِ.
الأَدبُ
اتَّسمتِ القصائدُ فِـــي عهدِ أسرةِ «جِين -Jin» الشَّرقيَّةِ بالطَّابَعِ «الميتافيزيقيِّ -metaphysical» الرَّاقي الفاترِ، لكن بعدَ عهدِ أُسرةِ «سُونْغ -Song» لقيتِ القصائدُ الَّتي تَصِفُ المَناظرَ الطَّبيعيَّةَ رواجاً واسعاً، وكانَ «شِيه لِينْغِيُون -Xie Lingyun» رائِدَها.
وبحُلولِ عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ، انتعشتِ الأغانِي الشَّعبيَّةُ المفعمةُ بالحَداثةِ والحيويَّةِ، إلَى جانبِ القصائدِ النَّثْريَّةِ الغِنائيَّةِ مُحكمةِ النَّظمِ غزيرةِ العواطفِ مُؤجَّجةِ الرُّوحِ. كمَا شهدتِ الأسرُ الجنوبيَّةُ أيضاً النُّضجَ التَّدريجيَّ لأسلوبِ قصيدةِ «وُويَان -wuyan» (يتكوَّنُ البيتُ الشِّعريُّ فيها منْ خمسةِ رموزٍ)، وازدهارَ أسلوبِ قصيدةِ «تشِيَان -qiyan» (يتكوَّنُ البيتُ الشِّعريُّ فيها منْ سبعةِ رموزٍ).
وتتَّسمُ هذِه القصائدُ بالإيجازِ فِي الصِّياغةِ والعنايةِ بتوازِي الطِّباقِ، ولذلكَ تطوَّرتْ تدريجيًّا نحوَ أسلوبِ «لُوشِي -lüshi» (هو النَّمطُ القياسيُّ للشِّعرِ الصِّينيِّ الَّذي اتَّخذَ شكلَهُ النِّهائيَّ، ونضجَ فِي عهدِ أُسرَةِ «تَانْغ -Tang»، وتحتوِي كلُّ قصيدةٍ مِنْ قصائدِهِ على ثمانيةِ أبياتٍ، وكلُّ بيتٍ علَى خمسةِ أو سبعةِ رموزٍ، تلتزمُ بشدَّةٍ بالنَّمَطِ النَّغميِّ ونهْجِ القافيةِ).
وأبرزُ مَا فِي الأمرِ أنَّ أعمالَ النَّقدِ الأدبيِّ المنهجيِّ قدْ ظهرتْ خلالَ هذِه الحقبةِ، ومنهَا: كتابُ «نحتُ التِّنِّينِ فِي جوهرِ الأدبِ» بقلـمِ «لِيُو شِيه -Liu Xie»، و«نقدُ الشِّعرِ» بقلمِ «تشُونْغ رُونْغ -Zhong Rong»، ويُعدُّ ذلكَ دليلاً علَى الازدهارِ الثَّقافيِّ خلالَ عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ.
التَّارِيخُ
حظِيَ التَّاريخُ باهتمامٍ كبيرٍ في عهدِ الأُسَرِ الجنوبيَّةِ، حيثُ اكتملتْ سِلْسلةٌ منْ كتبِ التَّاريخِ المكتوبةِ بأسلوبِ السِّيرةِ الذَّاتيَّةِ، مثلِ كتابِ «تاريخُ أسرةِ «هَان -Han» اللَّاحقةِ»، وكتابِ «تاريخُ أسرةِ «سُونْغ -Song»، وكتابِ «سِجِلَّاتُ أسرةِ «تشِي -Qi» مِنَ الأُسَرِ الجنوبيَّةِ». كمَا اكتملَ تاريخُ أسرتَيْ «لِيَانْغ -Liang» و«تشِن -Chen» أساساً خلالَ هذِه الحقبةِ، وبدأتْ كتابةُ مجموعاتٍ مِنَ السِّجِلَّاتِ التَّاريخيَّةِ المُذيَّلةِ بحواشٍ تفسيريَّةٍ، ومنها الحواشي التَّفسيريَّةُ الَّتي أضافَها «بِي سُونْغ تشِي -Pei Songzhi» منْ أسرةِ «سُونْغ -Song» إلَى كتابِ «سِجِلَّاتُ المَمالكِ الثَّلاثِ»، وتلكَ الَّتي أعدَّهَا «لِيُو شِيَاو بِيَاو -Liu Xiaobiao» منْ أسرةِ «لِيَانْغ -Liang» إلَى كتابِ «نوادرُ جديدةٌ فِي الحديثِ الاجتماعيِّ».
ويُمكنُ تعقُّبُ أنسابِ الأُسرِ والعَشائرِ، كالأُسرِ فِي المِنطقة الواقعةِ شَمالَ النَّهرِ الأصفرِ، والعَشائرِ الكبيرةِ الَّتي تعيشُ جنوبَ نهرِ الـ«يَانغِتْسِي -Yangtze» المعروفةِ فِي حقبةِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ فِي العديدِ مِنَ الأعمالِ الصَّادرةِ فِي ذلكَ الوقتِ، ويدلُّ ذلكَ علَى الاهتمامِ بدراسةِ الأنسابِ وشيوعِها خلالَ تلكَ الحقبةِ مقارنةً بحقبةِ الأُسَرِ الشَّماليَّةِ. كمَا اتَّسمتِ الأعمالُ التَّاريخيَّةُ المُنْجَزَةُ خلالَ عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ بالعُمقِ «الأيْديولوجيِّ -ideological» والسعيِّ المستمِرِّ نحوَ تفضيلِ حتميَّةِ التَّطوُّرِ التَّاريخيِّ منْ خلالِ المُلاحظةِ والدِّراسةِ الشَّاملةِ.
المِيتَافِيزِيقِيَا والدِّينُ
لقيتْ «المِيتَافِيزِيقِيا -metaphysics»، بعدَ ظهورِها فِي عهدَ أسرةِ «جِين -Jin» الشَّرقيَّةِ رواجاً بينَ الباحثِين «البيروقراطيِّين -bureaucrats» في عهدِ الأُسَرِ الجنوبيَّةِ.
وقدْ أثارَ «فَان تشِن -Fan Zhen» منْ أسرةِ «لِيَانْغ -Liang» نقاشاً فِي كتابِهِ «تدميرُ الرُّوحِ» رفضَ منْ خلالِهِ نظريَّةَ العلاقةِ السَّببيَّةِ الَّتي تدعُو إليهَا البوذيَّةُ، بينَمَا توسَّعتْ دراسةُ «الكلاسيكيَّاتِ -classics» «الْكُونْفُوشْيُوسِيَّةِ -Confucian» وتكثفتْ فِي عهدِ أسرةِ «لِيَانْغ -Liang»، وانخرطتِ العديدُ مِنَ المدارسِ المختلفةِ فِي الدِّراسةِ والتَّعلُّمِ المشتركِ، وصارَ الانفتاحُ والحرِّيَّةُ سمةً أساسيَّةً فِي أسلوبِ التَّعلُّمِ.
كمَا حظِيتْ دراسةُ الطُّقوسِ بمنزلةٍ رفيعةٍ خلالَ عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ، وكانَ ذلكَ يُجسِّدُ مطالبَ الأسرِ ذاتِ السُّلطةِ والنُّفوذِ.
كمَا شاعَ فِي دراسةِ «الكِلاسيكيَّاتِ -classics» اتِّباعُ أسلوبٍ تشوبُهُ آثارُ تفسيرِ «السُّوترَا -sutra» البوذيَّةِ. ونتيجةً لذلكَ غلبَ علَى الأعمالِ الفلسفيَّةِ فِي هذِه الحقبةِ الطَّابَعُ «الكلاسيكِيُّ -classic»، فتُراوحُ فِي أسلوبِهَا بينَ المقالاتِ والملاحظاتِ التَّوْضيحيَّةِ.
أمَّا عنِ البُوذيَّةِ: فقدْ كانَ «بَارَامَارْثَا -Paramartha» (هُو راهبٌ مرموقٌ مِنَ الهندِ فِي عهدِ أسرةِ «تشِن -Chen») مُترجماً حاذِقاً للنُّصوصِ البوذيَّةِ بعدَ «كُومَارَاجِيفَا -Kumarajiva»، وقبلَ «شُوَانْزَانْغ -Xuanzang».
وبالنِّسبةِ «للطَّاويَّةِ -Taoism»: فقدْ وضعَ «لُو شِيُو جِينْغ -Lu Xiujing» (هُو أحدُ كهنةِ «الطَّاويَّةِ -Taoist» فِي عهدِ أسرةِ «سُونْغ -Song») كتابَ «النُّصوصُ الطَّاويَّةُ المحفوظةُ فِي الكهوفِ الثَّلاثةِ»، فشَكَّلَ نهجاً احتَذَتهُ الأجيالُ اللَّاحقةُ، كمَا دافعَ «تَاو هُونْغ جِينْغ -Tao Hongjing»، أحدُ الكيميائيِّين فِي عهدِ أسرةِ «لِيَانْغ -Liang»، عنْ تكامُلِ نظريَّاتِ «الطَّاويَّةِ -Taoist» المُتعلِّقةِ بـ«الإكسيرِ -elixir» الدَّاخليِّ والخارجيِّ، والعِنايةِ بتعزيزِ الرُّوحِ والجسدِ علَى السَّواءِ. كمَا استحدثَ نظاماً جديداً للكائناتِ السَّماويَّةِ.
وكانَ مَا يُميِّزُ الفِكرَ «الطَّاوِيَّ -Taoist» فِي عهدِ الأسرِ الجنوبيَّةِ أنَّه جمعَ بينَ: العِنايةِ ببناءِ الأجسامِ وتنقيةِ الرُّوحِ وتهذيبِ الأخلاقِ، الَّتي دعتْ إليهَا «الطَّاويَّةُ -Taoism» والبوذيَّةُ و«الكُونفوشيُوسِيَّةُ -Confucianism» علَى التَّوالِي.
الفَنُّ
بدأتِ اللَّوْحاتُ الصِّينيَّةُ التَّقليديَّةُ، الَّتي اعتادتْ تصويرَ البشرِ، فِي تحويلِ تركيزِهَا إلَى المناظرِ الطَّبيعيَّةِ نتيجةَ شيوعِ القصائدِ الَّتي تُعبِّرُ عنِ المناظرِ الطَّبيعيَّةِ الخلَّابةِ.
وشهدتِ الأسرُ الجنوبيَّةُ أيضاً ظهورَ أعدادٍ كبيرةٍ مِنَ الخطَّاطِين المُحترفِين، ومِنْ روائعِ الأعمالِ الخطِّيَّةِ فِي عهدِ الأُسرِ الجنوبيَّةِ كتابُ «مقالُ الألفِ حرفٍ»، مِنْ تأليفِ «تشِي يُونْغ -Zhiyong» وهو أحدُ أحفادِ «وَانْغ شِي تشِي -Wang Xizhi»، وراهبٌ وُلدَ فِي عهدِ أسرةِ «تشِن -Chen»، وتُوُفِّيَ فِي عهدِ أسرةِ «سُوِي -Sui».
العُلُومُ والتِّكنُولُوجيَا
شهِدتِ السُّلالاتُ الجنوبيَّةُ أيضاً بعضَ الإنجازاتِ فِي العلومِ والتِّكنولوجيَا، فعلَى سبيلِ المثالِ كانَ «تشُو تشُونغِتشِي -Zu Chongzhi» أوَّلَ عالِمِ رياضيَّاتٍ فِي العالمِ توصَّلَ إلَى النِّسبةِ التَّقْريبيَّةِ الأكثرِ دقَّةً لثابتِ الدَّائرةِ (π) الَّذي يصِلُ إلَى المنزلةِ السَّابعةِ بعدَ العلامةِ العشريَّةِ، أيْ: بينَ (3.1415926) و(3.1415927).
وقد تطوَّرَ أيضاً نظامُ التَّقاويمِ الزَّمَنيَّةِ، وتطورت تِقْنيَّاتُ صناعةِ الفُولاذِ خلالَ هذِه الحقبة.