أُسرَةُ «تشُو» الغَربِيَّةِ (1046 - 771 ق.م) Western Zhou Dynasty

هِي الأُسرةُ الصِّينيَّةُ الثَّالثةُ، أسَّسَهَا الملكُ «وُو -Wu» منْ أسرةِ «تشُو -Zhou» عامَ 1046م قبلَ سقوطِ أسرةِ «شَانْغ -Shang». انتهَى حكمُ تلكِ الأسرةِ فِي عامِ 771 قبلَ الميلادِ بعدَ مَقتلِ الملكِ «يُو -You». وعلَى الرَّغمِ منْ أنَّ قصَّةَ الملكِ «وُو -Wu» معروفةٌ فِي الرِّوايةِ الأُسطوريَّةِ الكِلاسيكيَّةِ «تنصيبُ الآلهةِ»، فإنَّ غزواتِه ظلَّتْ حدثاً تاريخيّاً حقيقيّاً.

وفِي منتصفِ القرنِ الحادِي عشرَ قبلَ الميلادِ ثارَ الملكُ «وُو -Wu» ضدَّ طاغيةِ أسرةِ «شَانْغ -Shang» الملكِ «تشُو -Zhou» الممقوتِ منَ النَّاسِ، حتَّى إنَّ جيشَه تحوَّلَ ضدَّه وقادَ المُتمرِّدِين إلَى العاصمةِ، وبالتَّالِي أدَّى ذلكَ إلَى نِهايةِ حُكمِ أسرةِ «شَانْغ -Shang».

وتولَّتْ أسرةُ «تشُو -Zhou» الغربيَّةُ مقاليدَ السُّلطةِ، فأبقتِ البلادَ تحتَ سيطرةٍ مُوحَّدةٍ. ثُمَّ توالَى الأتباعُ فِي مُبايعةِ البلاطِ الإمبراطوريِّ لحكمِ البلادِ. وقد سُمِّيتِ الأسرةُ باسمِ «تشُو -Zhou» الغربيَّةِ، لأنَّ أراضِيها كانتْ تقعُ فِي الغربِ (أوَّلاً فِي «فِينغ جينغ -Fengjing»، ثُمَّ في «هُوَا جِينغ -Haojing» المعروفةِ باسمِ «زُونْغ تشُو -Zongzhou»).

صُعُودُ وسُقُوطُ «تشُو» الغَربيَّةِ

ترجعُ أصولُ دولةِ «تشُو -Zhou» إلَى قبيلةٍ زِراعيَّةٍ قديمةٍ قيلَ إنَّ سلفَهَا الأوَّلَ كانَ «تشِي -Qi» (الإمبراطورُ الأصفرُ). وقادَ «غونغ ليو -Gong Liu» (وهُو منْ نسلِ «تشِي -Qi») القبيلةَ إلَى الاستقرارِ فِي «بِن -Bin» (مُنطقةُ «تشنشيَان -Chenxian» بمُقاطعةِ «شانْشِي -Shaanxi» حاليّاً)، حيثُ امتهنُوا الزِّراعةَ وأصبحُوا تدريجيّاً قوَّةً ناشئةً.

وقامَ قائدُ القبيلةِ «دَان فُو -Dan Fu» بنقلِها إلَى «تشُويوان -Zhouyuan» عندَ سفحِ جبلِ «تشِي -Qi»، حيثُ أسَّسَ دولةَ «تشُو -Zhou». ثُمَّ تولَّى «جِي لِي -Ji Li» قيادةَ الدَّولةِ بعدَ وفاةِ أبِيه «دَان فُو -Dan Fu». واستمرَّتْ دولةُ «تشُو -Zhou» فِي النُّموِّ محاولةً تعزيزَ علاقاتِهَا معَ أسرةِ «شَانغ -Shang».

وأصبحتْ دولةُ «تشُو -Zhou» -خلالَ عهدِ «جِي تشَانغ -Ji Chang»، أحدِ أبناءِ «جِي لِي -Ji Li» بالفعلِ- قوَّةً كبرَى رغمَ مظهرِهَا بصفتِها دولةً إقطاعيَّةً، وتمَّ تكريمُه بعدَ وفاتِه باسمِ الملكِ «وِين -Wen» ملكِ «تشُو -Zhou». وكانَ «جِي تشَانْغ -Ji Chang» قدْ سُجنَ ذاتَ مرَّةٍ عنْ طريقِ الملكِ «تشُو -Zhou» منْ أسرةِ «شَانغ -Shang»، إلَّا أنَّه أُطلقَ سراحُه لاحقاً.

وبعدَ وفاةِ «جِي تشَانْغ -Ji Chang»، صعدَ ابنُه «جِي فَا -Ji Fa» إلَى العرشِ، وسارَ بعدَها شرقاً للإطاحةِ بأسرةِ «شَانْغ -Shang» التِي دفعتْ أعمالُهَا الوحشيَّةُ الأمَّةَ إلَى هاويةِ البُؤسِ. وبعدَ انتصارٍ ساحقٍ فِي معركةٍ «مُوِي -Muye» الحاسِمةِ، أطاحَ جيشُ المُتمرِّدِين بالطَّاغيةِ «تشُو -Zhou» الذِي أشعلَ النَّارَ فِي نفسِه.

ونقلَ «جِي فَا -Ji Fa» العاصمةَ إلَى «هوَا جينغ -Haojing»، حيثُ أقامَ حفلاً كبيراً بمُناسبةِ تأسيسِ أسرةِ «تشُو -Zhou» الغربيَّةِ. وأوصَى الملكُ «وُو -Wu» بالعرشِ لابنِه المُراهِقِ الملكِ «تشِنْغ -Cheng»، وكانَ أخوه الأصغرُ «جِي دَان -Ji Dan» (دوقُ «تشُو -Zhou») الوصيَّ. واتَّخذَ الدُّوقُ خلالَ مدَّةِ الوِصايةِ العديدَ منَ الإجراءاتِ لتعزيزِ قوَّةِ العائلةِ الإمبراطوريَّةِ، فأعادَ الدُّوقُ سُلْطَةَ الدَّولةِ إلَى الملكِ «تشِينغ -Cheng»، وتمتَّعَ ذلكَ العهدُ بالاستقرارِ السِّياسيِّ. وتقولُ الأساطيرُ: إنَّ الدُّوقَ هُو الذِي ابتكرَ نظامَ «لِي -Li» (نظامُ الطُّقوسِ) و«يوِي -Yue» (نظامُ الموسيقَى).

وفِي الواقعِ، كانَ مَا قامَ بِه ووضعَه قيدَ التَّنفيذِ مجموعةً منَ الأنظمةِ والقواعدِ التِي تنظِّمُ إدارةَ الأسرةِ الحاكمةِ، ومنْ بينِها نظامُ الإقطاعيَّاتِ الذِي كانَ لَه التَّأثيرُ الأعمقُ علَى المدَى البعيدِ. وقدْ أُعطيتِ الإقطاعيَّاتُ لأقاربِ الأسرةِ الحاكِمةِ، الذِين خدمُوا بوصفهم حكَّاماً محلِّيِّين تحتَ الحكمِ المركزيِّ للملكِ، ممَّا عزَّزَ منْ قوَّةِ الحُكمِ، حيثُ تمَّ دمجُ روابطِ الدَّمِ معَ السُّلطاتِ المحلِّيَّةِ والمركزيَّةِ.

نَقشٌ مَكتُوبٌ علَى وِعَاءٍ بُرُونزِيٍّ عن طَرِيقِ المُؤَرِّخِ «تشِيَانغ -Qiang»

وبقِيَ دوقُ «تشُو -Zhou» وشقيقُه دُوقُ «تشَاو -Zhao» كالعَصَبِ لحكمِ الملكِ «تشِينغ -Cheng»، الذِي شهدَ عصرُه وعصرُ خَلَفِه «كَانغ -Kang» أزهَى مرحلةٍ فِي عهدِ أسرةِ «تشُو -Zhou» الغربيَّةِ.

وبدأَ النِّظامُ فِي التَّدهوُرِ فِي عهدِ الملكِ «لِي -Li»، الذِي تمَّ نفيُه عامَ 841 قبلَ الميلادِ بعدَ ثورةِ سكَّانِ المدنِ ضدَّه فِي أوَّلِ تمرُّدٍ كبيرٍ يقومُ بِه سُكَّانُ المدنِ علَى مُستوَى عوامِّ النَّاسِ فِي البلادِ، تاركِين الحكومةَ المركزيَّةَ ليتمَّ إدارتُها منْ مدينةِ «غونغ هِي -Gonghe» تحتَ إشرافِ الدُّوقِ: «مُو -Mu» منْ «تشاو -Zhao»، والدُّوقِ «دينغ -Ding» من «تشُو -Zhou».

وانتهتِ الوِصايةُ بتَتويجِ الملكِ «شوَان -Xuan»، الذِي أحدثتْ مجهوداتُه تحسيناتٍ ملحوظةً فِي شؤونِ الدَّولةِ، وكذلكَ إلَى بعضِ الانتصاراتِ فِي الغزواتِ العسكريَّةِ والتَّوسُّعِ فِي الأراضِي. وأصبحتْ هذِه المرحلةُ معروفةً فِي التَّاريخِ الصِّينيِّ باسمِ تجديداتُ الملكِ «شوَان -Xuan». واستمرَّتِ الأسرةُ فِي تدهوُرِهَا بعدَ تولِيةِ الملكِ «يُو -You» مقاليدَ العرشِ عامَ 781 قبلَ الميلادِ، حيثُ كانتْ لديْه مَحظيَّةٌ مُدلَّلةٌ («بَاو سِي -Bao Si»)، وكذلكَ مستشارٌ فَاسِدٌ («غُوه شِيفُو -Guo Shifu»)، ممَّا أدَّى إلَى استشراءِ الفسادِ فِي جَنَباتِ الأمَّةِ الصِّينيَّةِ بالتَّزامُنِ معَ انتشارِ الكوارثِ الطَّبيعيَّةِ المُتكرِّرةِ وهجومِ جيرانِ الدَّولةِ المُتواصِلةِ. وسقطتِ الأسرةُ بالفعلِ بعدَ مقتلِ الملكِ علَى يدِ قبيلةِ «تشوان رونْغ -Quanrong» الغازيَّةِ فِي عامِ 771 قبلَ الميلادِ.

وفِي عامِ 770 قبلَ الميلادِ، تُوِّجَ الملكُ «بِينْغ -Ping» علَى العرش، ونقلَ العاصمةَ إلَى مِنطقةِ «لُوِيِي -Luoyi» للابتعادِ عنْ «تشُوَان رُونْغ -Quanrong». ويُمثِّلُ هذَا بدايةَ مَا أَطلِقَ عليه المُؤرِّخُون اسمَ أسرةِ «تشُو -Zhou» الشَّرقيَّةِ.

المُجتَمَعُ وَالِاقتِصَادُ

انتشرتِ العبوديَّةُ فِي عهدِ أسرةِ «تشو -Zhou» الغربيَّةِ، واضطُرَّ العبيدُ إلَى تحمُّلِ الأعمالِ المنزليَّةِ وأنشطةِ الإنتاجِ، إلَّا أنَّ عوامَّ النَّاسِ هُمْ مَنْ تكفَّلُوا بأغلبِ الأعمالِ، ولمْ يكنْ حالُهم أفضلَ منَ العبيدِ فِي شيءٍ.

وقدْ وَزّعتِ الدَّولةُ الأراضِي علَى الفلَّاحِين باستخدامِ نظامِ «الحقلُ الجيِّدُ» (التِّسعةُ مُربَّعاتٍ)، حيثُ قُسِّمتِ المساحةُ الكبيرةُ منَ الأرضِ إلَى تسعِ مناطقَ صغرَى، وتولَّى ثمانِي أسرٍ زراعةَ الأرضِ. فكلُّ أسرةِ مسؤولةٌ عنْ زِراعةِ جُزءٍ منَ التِّسعِ مناطقَ معَ احتفاظِ كلِّ أسرةٍ بدخلِ الجزءِ الخاصِّ بهَا.

أمَّا الجزءُ التَّاسعُ فتتولَّى كلُّ الأسرِ زراعتَه وتعطي المكاسبَ للدَّولةِ. كمَا كانتْ تلكَ الأُسرُ ودافعو الضَّرائبِ هُمُ المصدرَ الرَّئيسَ لتمويلِ الجنودِ عندَ نشوبِ الحربِ. وظلَّتِ الزِّراعةُ هِي عصبَ الاقتصادِ فِي «تشُو -Zhou» الغربيَّةِ، حيثُ زُرعتْ مجموعةٌ مُتنوِّعةٌ منَ المحاصيلِ، مثلَ: الدُّخْنِ الأبيضِ ودُخْنِ الأصابعِ والقِنَّبِ وفولِ الصُّويَا، وكذلكَ الفاصوليَا الحمراءُ والقمحُ والذُّرةُ والشُّوفانُ المائيُّ.

قِطعَةُ قُمَاشٍ صَغِيرةٌ مِنَ الحَرِيرِ مِنْ عَهْدِ أُسْرَةِ «تشُو -Zhou» الغَربِيَّةِ

وكانتْ أغلبُ الأدواتِ الزِّراعيَّةِ مصنوعةً منَ الحجارةِ والخشبِ والعِظامِ والصَّدفِ. كمَا ازدهرَ الإنتاجُ الزِّراعيُّ خلالَ عهدِ تلكَ الأسرةِ بفضلِ تطبيقِ نظامِ «إراحةِ الأرضِ».

أمَّا الحِرَفيُّونَ والتُّجَّارُ فقدْ سكنُوا المدنَ، وكانَ معظمُ الحرفيِّينَ يعملُون فِي ورشِ عملٍ تديرُهَا الدَّولةُ، لكنَّ وضعَهُم الاجتماعيَّ لمْ يكنْ أفضلَ منْ وضعِ العبيدِ.

وكانَ حالُ التُّجَّارِ علَى النَّقيضِ، فقدْ تمتَّعُوا بمكانةٍ اجتماعيَّةٍ أعلَى بفضلِ تبعِيَّتِهِم للسُّلطاتِ الحكوميَّةِ، ولكنَّهُم كانُوا خاضعِين لسيطرةٍ شديدةٍ منَ الحكومةِ.

والعُمْلاتُ المُتداوَلةُ فِي ذلكَ العهد هِي عملاتٌ صَدَفيّةٌ، تُقاسُ بالـ«بِنغ -Peng»، بالإضافةِ إلَى العُملاتِ البرونزيَّةِ التِي تُقاسُ بالـ«لو -Lüe». كمَا تمَّ تقديمُ العديدِ منَ الهدايَا الإمبراطوريَّةِ فِي صورةِ نقودٍ برونزيَّةٍ، وذلكَ وَفقاً للنُّقوشِ البرونزيَّةِ التِي يرجعُ تاريخُها إلَى «تشُو -Zhou» الغربيَّةِ، ممَّا يدلُّ علَى أنَّ هذَا النَّوعَ منَ العُمْلاتِ -خلالَ حكم تلكَ الأسرةِ- كانَ أكثرَ تداوُلاً ممَّا كانَ عليه فِي عهدِ أسرةِ «شَانْغ -Shang».

الثَّقَافَةُ

كانَ عهدُ أسرةِ «تشُو -Zhou» الغربيَّةِ شاهداً علَى تغيُّراتٍ كبيرةٍ فِي العقائدِ الدِّينيَّةِ، وكذلكَ علَى تحسُّنِ النِّظامِ التَّعليميِّ والتَّوسُّعِ فِي معرفةِ العلومِ الطَّبيعيَّةِ.

«لِي - Li» (نظامُ الطُّقوسِ) و«يُوِي - Yue» (نظامُ الموسيقَى)

اتَّسمَ نظامُ الطُّقوسِ خلالَ تلكَ المدَّةِ بالاستغراقِ فِي التَّفاصيلِ، وتكوَّنَ هذَا النِّظامُ منْ خمسِ فئاتٍ فِي مُناسباتٍ مختلِفةٍ: «جِي -Ji» (الطُّقوسُ القُربانيَّةُ للآلهةِ والأجدادِ)، و«شيونغ -Xiong» (الجنازاتُ والحِدَادُ على ضحايَا الكوارثِ)، و«جُون -Jun» (الحملاتُ العسكريَّةُ وغيرُها منْ حشدِ الجماهيرِ فِي أنشطةٍ مُعيَّنةٍ، مثلَ: الصَّيدِ الكبيرِ وبناءِ المدنِ)، و«بِن -Bin» (تقديمُ الوِلاياتِ البيعةَ للإمبراطورِ بشكلٍ شخصيٍّ، أو زيارةُ بعضِها بعضاً، أو عقدُ اللِّقاءاتِ المُشترَكةِ)، و«جيَا -Jia» (احتفالاتُ عوامِّ النَّاسِ، مثلَ: حفلاتِ الزِّفافِ، وطقوسِ بلوغِ سنِّ الرُّشدِ، والعَشاءِ الرَّسميِّ، والاحتفالاتِ، وطقوسِ الرِّمايةِ لتوثيقِ العلاقاتِ).

كمَا اهتمَّتْ «تشو -Zhou» الغربيَّةُ بالموسيقَى، حيثُ تمَّ توظيفُ بعضِ المسؤولِين خِصِّيصَاً لإدارة شؤونِ الموسيقَى وَفْقاً للكتاباتِ الموجودةِ فِي بعضِ النُّقوشِ البرونزيَّةِ.

الدِّينُ

كانتِ القرابينُ تُقدَّمُ لثلاثةِ أنواعٍ منَ المعبوداتِ: الآلهةُ السَّماويَّةُ والآلهةُ الأرضيَّةُ والأرواحُ البشريَّةُ. وشمِلَتِ الآلهةُ السَّماويَّةُ الإمبراطورَ السَّماويَّ والآلهةَ الأُخرَى المسؤولةَ عنِ الشَّمسِ والقمرِ والنُّجومِ والرِّياحِ والأمطارِ والحياةِ والموتِ. وضمَّتِ الآلهةُ الأرضيَّةُ المسؤولِين عنِ الأرضِ والحَصادِ والغاباتِ والأنهارِ والمُستنقعاتِ والعناصرِ الخمسةِ (المعادِنُ والخشبُ والمياهُ والنَّارُ والأرضُ) والجبالِ الخمسةِ المُقدَّسةِ (جبالُ «تَايشَان -Taishan» و«هُوَاشَان -Huashan» و«هِنغشَان -Hengshan» و«سُونغشَان -Songshan»)، بالإضافةِ إلَى آلهةٍ أخرَى أدنَى فِي المنزلةِ.

أمَّا الأرواحُ البشريَّةُ فتُشِيرُ إلَى أسلافِ الشَّعبِ المُتوَفَّين. كمَا تمَّ توظيفُ مَسؤولِين أيضاً لإدارةِ الشُّؤونِ الدِّينيَّةِ، وكانتْ مَهامُّهم تشملُ أربعَة أشياءٍ: طقوسَ الصَّلاةِ والأحداثَ القُربانيَّةَ والكَهانةَ والتَّوثيقَ.

التَّعليمُ

سُميتِ المدارسُ المحلِّيَّةُ التِي تديرُها الحكومةُ باسمِ «شِيَانغ -Xiang» أو («شو -Xu»)، حيثُ يتمُّ تدريسُ العلومِ والمهاراتِ الأساسيَّةِ.

ويتمتَّعُ أطفالُ الطَّبقةِ النَّبيلةِ بمدارسَ أفضلَ ومُنفصِلةٍ للتَّعليمِ الابتدائيِّ والعالِي، معَ مناهجَ شاملةٍ تشملُ الأعرافَ والأخلاقَ والمهاراتِ والعِنايةَ الشَّخْصيَّةَ. كمَا تمَّ تدريسُ كلٍّ منَ المهاراتِ المدنيَّةِ والعسكريَّةِ، ومنهَا: الطُّقوسُ والموسيقَى والرِّمايةُ وركوبُ الخيلِ والقراءةُ والكتابةُ والحِسابُ (المعروفةُ باسمِ «الفنونُ السِّتَّةُ»).

الأَدَبُ الكِلَاسِيكِيُّ

وعَاءُ نَبِيذٍ مِنَ «البرُونزِ -Bronze» علَى شكلِ طَائرٍ مُعرِوفٍ باسمِ «زون -Zun» (اكتُشفَ فِي قريةِ «جينشِنغ -Jinsheng»، «تَاي يوَان -Taiyuan» بمُقاطعةِ «شَنشِي -Shanxi»)

كانَ «كتابُ الوَثائقِ» منْ أشهرِ الكتبِ التِي كُتِبت فِي تلكَ المدَّةِ. وهُو مجموعةٌ منَ الخُطَبِ للشَّخصيَّاتِ البارزةِ وسِجِلٌّ للأحداثِ الكُبرَى، وكذلكَ العديدُ منَ الفصولِ التِي يعودُ تاريخُها إلَى «تشُو -Zhou» الغربيَّةِ، مثلَ: القسمُ فِي «موِي -Muye»، و«القانونُ العظيمُ للطَّبيعةِ»، و«التَّوجيهُ العظيمُ»، وكذلكَ «رسالةٌ إلَى الدُّوقِ» «كَانغ -Kang» و«مرسومُ حظرِ الكحولِ»، وكلُّ تلكَ الفصولِ ذاتُ قيمةٍ تاريخيَّةٍ كبيرةٍ.

ومنْ أشهرِ الكتبِ أيضاً مجموعةُ «كلاسيكيَّاتُ الشِّعرِ»، وهِي مجموعةٌ منَ القصائدِ والأغانِي الصِّينيَّةِ. وكذلكَ «كتابُ التَّغْييراتِ» (المعروفُ أيضاً باسمِ «تشِينغ -Ching» الأوَّلِ أوِ «شُويي -Zhouyi»)، الذِي كتبَ فِي ذلكَ العهدِ. وعلَى الرَّغمِ منْ أنَّه كانَ كتاباً عنِ الكَهانةِ، فإنَّه وثَّقَ بعضَ الأحداثِ التَّاريخيَّةِ عن هذِه المرحلةِ.

عِبَادَةُ السَّماءِ

أعلتْ أسرةُ «تشُو -Zhou» الغربيَّةُ منْ شأنِ الأخلاقِ وتكاليفِ السَّماءِ، وانتشرتْ بعضُ السِّماتِ الدِّينيَّةِ، مثلَ: التَّمسُّكِ بالفضائلِ الأخلاقيَّةِ والتَّقرُّبِ إلَى السَّماءِ، وكذلكَ التَّضرُّعُ للأسلافِ طلباً للحمايةِ. لكنْ بدأَ النَّاسُ فِي أواخرِ عهدِ الأسرةِ بالشَّكِّ فِي قُدسيَّةِ السَّماءِ والأسلافِ؛ نظراً لانتشارِ الاضطراباتِ الاجتماعيَّةِ الشَّديدةِ ووقوعِ الكوارثِ الطَّبيعيَّةِ؛ لذَا ظهرتْ مفاهيمُ «يِن-يانغ /Yin-Yang» و«العناصرُ الخمسةُ» (شكلٌ منْ أشكالِ الماديَّةِ البُدائيَّةِ)، وتطوَّرتْ تلكَ المفاهيمُ حتَّى صارتْ أنظمةً فلسفيَّةً.

العُلُومُ والتِّكنُولُوجيَا

شهِدتْ «تشُو -Zhou» الغربيَّةُ الكثيرَ منَ التَّقدُّمِ والإنجازاتِ فِي مجالِ العلومِ والتِّقنيَّاتِ. فمثلاً: ظهرت أسماءُ الأبراجِ فِي العديدِ من فصولِ كتابِ «كلاسيكيَّاتُ الشِّعرِ». وكانتْ مواقعُها فِي السَّماءِ تُستخدمُ للتَّنبُؤِ بالتَّغيُّراتِ المَوسِميَّةِ ووضعِ خُطَطِ الزِّراعةِ.

ومِنَ المُرجَّحِ أنَّه تمَّ اكتشافُ نظامِ منازلِ القمرِ الـ28 المعروفةِ فِي علمِ الفلكِ الصِّينيِّ التَّقليديِّ خلالَ هذِه المدَّةِ، فهناكَ قصيدةٌ بعنوانِ «مرورُ الشَّمسِ بالقمرِ فِي اليومِ الأوَّلِ منَ الشَّهرِ العاشِرِ»، وفيهَا تسجيلُ التَّاريخِ القمريِّ الدَّقيقِ للكُسوفِ الشَّمسيِّ فِي 776 قبلَ الميلادِ، وكذلكَ الكُسوفُ القمريُّ فِي نصفِ الشَّهرِ السَّابقِ. وهذَا مؤشرٌ علَى أنَّ الصِّينيِّين القدماءَ كانُوا علَى دِرايةٍ كبيرةٍ بالظَّواهرِ الفلَكيَّةِ والمراحلِ القمريَّةِ.

ويُوجدُ أيضاً أسماءُ العديدِ منَ النَّباتاتِ والحيواناتِ التِي ذُكرتْ فِي كتابِ «كلاسيكيَّاتُ الشِّعرِ»، وهُـو دليلٌ علَى تقدُّمِ علمِ الأحياءِ فِـــي ذلكَ العصرِ.

أمَّا فِي علمِ الجغرافيَا: فقدْ رسمَ بُناةُ المدينةِ العاصمةَ «لُوِيِي -Luoyi» خلالَ مراحلِ إنشائِهَا فِي عهدِ الملكِ «تشنْغ -Cheng».

كمَا واصلَ الحدَّادُون تقليدَ صَهْرِ «البرُونزِ -Bronze» الذِي ظهرَ فِي عهدِ أسرةِ «شَانغ -Shang» السَّابقةِ، وتوصَّلُوا أيضاً إلَى معرفةِ طريقةِ خلطِ الحديدِ بالنَّيكلِ (نَيزكِ الحديدِ)، كمَا يتَّضحُ منَ الآثارِ البرونزيَّةِ التِي تحتوِي علَى بعضٍ منْ نَيزكِ الحديدِ، التِي تعودُ إلَى عهدِ تلكَ الأسرةِ. وكانتْ مشاهدُ زراعةِ دودةِ القزِّ منَ السِّماتِ الشَّائعةِ فِي كتابِ «كِلاسيكيَّاتُ الشِّعرِ»، وكذلكَ تمَّ ذكرُ «شِي -Zhi» (التَّطرِيزُ) فِي كلٍّ مِنْ طُقوسِ «شُو -Zhou» وبعضِ النُّقوشِ البرونزيَّةِ، معَ وجودِ أدلَّةٍ مادِّيَّةٍ منَ الحفْريَّاتِ الأثَريَّةِ الحديثةِ لآثارِ الحريرِ التِي تعودُ إلَى هذِه المدَّةِ.