ازدِهَارُ عَصْرِ تشِنْغ يُوَانProsperity of Zhenguan Era
خلالَ حكمِ الإمبراطورِ «تَايزُونغ -Taizong» (الملقَّبِ بعهدِ «تشِنْغ يُوَان -Zhenguan»)، تمتَّعتْ إمبراطوريَّةُ «تَانغ -Tang» باستقرارٍ سياسيٍّ كبيرٍ وبسلامٍ اجتماعيٍّ ملحوظٍ، وبنموٍّ اقتصاديٍّ سريعٍ وبعلاقاتٍ متناغمةٍ بينَ القوميَّاتِ المختلفةِ. وكانَ الإمبراطورُ «تَايْزُونغ -Taizong» علَى استعدادٍ دائمٍ لاتِّباعِ النَّصيحةِ الحكيمةِ، لأنَّه كانَ علَى درايةٍ بأنَّ الإمبراطورَ «يَانْغ -Yang» مِنْ «سُوِي -Sui» قدْ قضَى علَى نظامِ حكمِه بالغطرسةِ والعنادِ. وقدْ زوَّدَ بلاطَه الملكيَّ بمسؤولِينَ يقولونُ الحقَّ مثلِ «وِي تشِنْغ -Wei Zheng»، و«لِيُو جِي -Liu Ji»، و«سِن ويِنْبِن -Cen Wenben»، و«مَا تشُو -Ma Zhou»، الَّذينَ قدَّمُوا العديدَ من الاقتراحاتِ والانتقاداتِ القيِّمةِ لمساعدتِه علَى اتِّخاذِ القراراتِ الصَّحيحةِ وتحقيقِ الحكمِ الرَّشيدِ. وبفضلِ حكمته في تمييزِ الأخيارِ عَنِ الأشرارِ، قامَ الإمبراطورُ بتطهيرِ حكومتِه مِنَ البيروقراطيِّينَ المرتشِينَ وزوَّدَها بمواهبَ جديرةٍ بالثَّناءِ، مثلِ «فَانْغ شُوَانْلِينْغ -Fang Xuanling» و«دُو رُوهُوِي -Du Ruhui» (وكـلٌّ منهُما نموذجٌ مثاليٌّ للمستشارِ الصَّادقِ) و«يُو شِينَان -Yu Shinan» (العلَّامةُ البارزُ متعدِّدُ الثَّقافاتِ). ولتحفيزِ موظَّفِيه أغدقَ عليهِم بالإخلاصِ والإنصافِ، ونفَّذَ وعودَهُ بالمكافآتِ والعقوباتِ، والتزمَ بالتَّرقيةِ علَى أساسِ الجدارةِ (حتَّى إنَّه كانَ يُرقِّي مَنْ أساؤُوا إلَيه). وفِي الشُّؤونِ القانونيَّةِ، كانَ يثمِّنُ المبادئَ التَّشريعيَّةَ الَّتي تمثِّلُ روحَ اللِّينِ والبساطةِ، وكانَ ينتقِي مسؤولِي تنفيذِ أحكامِ القانونِ مِنْ بينِ الشَّخصيَّاتِ الصَّالحةِ، وذلكَ حتَّى يتجنَّبَ إساءةَ استخدامِ السُّلطةِ، وكانَ أوَّلَ المُلتزِمين بالقانونِ، وكانَ يرفضُ منحَ عفوٍ أو حصانةٍ للنُّبلاءِ، حتَّى لأقاربِه، وبلغَ من اهتمامِه بشؤونِ الحكمِ المحلِّيِّ أنْ حدَّ مِنَ السُّلطةِ الَّتي كانتْ تتمتَّعُ بِها النُّخبةُ الحاكمةُ منذُ مُدَةٍ طويلةٍ وقامَ بتعيينِ مفتِّشِينَ إقليميِّينَ أَكْفاءٍ، فتمكَّنَ من إيجادِ حكومةٍ عادلةٍ غيرِ فاسدةٍ. ولتخفيفِ حدَّةِ العداءِ الطَّبقيِّ، قامَ الإمبراطورُ بتحريرِ العديدِ مِنَ الخادماتِ منْ قصرِه، وألغَى الطُّقوسَ الَّتي تهدرُ الوقتَ والمالَ، وكانَ مقتصِداً فِي شؤونِ حياتِه، وتجنَّبَ الحروبَ غيرَ الضَّروريَّةِ، وخفَّضَ الضَّرائبَ وأعمالَ السُخرةِ، وأدخلَ سياساتٍ اقتصاديَّةً واقعيَّةً، وكانَ متفتِّحَ العقلِ فِي تعاملاتِه معَ القبائلِ العرقيَّةِ، وبذلكَ كسبَ إخلاصَهم فِي الانصياعِ لَه. فعلَى سبيلِ المثالِ، بعدَ أنْ أخضعَ قبيلةَ «تُوجُو -Tujue» الشَّرقيَّةَ المعتدِيةَ وسيطرَ عليهَا، مدَّ يدَ العونِ لمَنِ استسلمُوا لَه وساعدَهم علَى الاستقرارِ، وأسَّسَ مناطقَ إداريَّةً فِي مواطنِ استقرارِهم، فقَلَّتْ بذلكَ الاضطراباتُ في الحُدودِ الشَّماليَّةِ، وخَفَّتْ حِدَّةُ النِّزاعاتِ بينَ المجتمعاتِ العرقيَّةِ. وقدْ أرسلَ بعدَ ذلكَ الأميرةَ «وِينْتشِنغ -Wencheng» لتتزوَّجَ منْ زعيمِ قبيلةِ التِّبْتِ، ليضربَ أروعَ مثلٍ علَى تعزيزِ الصَّداقةِ بينَ «التِّبْتِ -Tibet» و«هَان -Han». وقدْ بشَّرَتْ كلُّ هذِه الجهودِ بالعصرِ الذَّهبيِّ المعروفِ فِي التَّاريخِ باسمِ «ازدهارِ عصرِ «تشِنْغ يُوَان -Zhenguan»»، الَّذي يتشابهُ كثيراً معَ الفترةِ المعروفةِ باسمِ (ازدهارِ عهدِ الإمبراطورَيْنِ «وِن -Wen» وِ«جِينْغ -Jing» (منْ أسرةِ «هَان -Han» الغربيَّةِ). ومعَ ذلكَ، فقدِ اندفعَ الإمبراطورُ «تَايْزُونغ -Taizong» تدريجيّاً فِي سنواتِه الأخيرةِ إلَى حياةِ البذخِ والإسرافِ فِي بعضِ الأحيانِ. كمَا فقدَ بعضَ رغبتِهِ فِي الإصغاءِ إلَى النَّصيحةِ والحفاظِ علَى ترقيةِ المسؤولِينَ علَى أساسِ جدارتِهم وضمانِ إنفاذِ القانونِ بشكلٍ صارمٍ، وفوقَ كلِّ هذَا شنَّ حربَيْنِ علَى مملكةِ «غُوغُورِيُو -Goguryeo»، ذاقَ ويلاتِهِما الشَّعبَانِ الصِّينيُّ والكُوريُّ.