المُحَافَظَةُ على الصِّحَّةِHealth Maintenance

تشملُ الجمعَ بينَ تصفيةِ الذِّهنِ وممارسةِ التَّمارينِ البدنيَّةِ والتَّنفُّسيَّةِ، وتنظيمِ درجةِ حرارةِ الجسمِ وفقاً لتغيُّرِ فصولِ السَّنةِ، وتناوُلِ الأدويةِ الغذائيَّةِ والمُقوِّيةِ، والامتناعِ عنْ ممارسةِ الجِنْسِ، والطِّبِّ التَّجميليِّ، والامتناعِ عنْ تناولِ البُقوليَّاتِ بغرضِ الصِّحَّةِ وطولِ العمرِ، استرشاداً بمبدأِ موازنةِ «يِن -Yin» و«يَانْغ -Yang»، وتنظيمِ الطَّاقةِ وتدفُّقِ الدَّمِ، والمداومةِ علَى النَّشاطِ. يطمحُ النَّاسُ إلَى الحياةِ الخالدةِ، كمَا جاءَ في نصِّ «كتابِ التَّغيُّراتِ»: «كمَا أنَّ السَّماءَ لا تنفكُّ عنْ حيوِيَّتِها بملازمةِ الحركةِ، ينبغِي علَى المرءِ أنْ يسعَى باستمرارٍ لتحقيقِ الكمالِ الذَّاتيِّ». ومِنْ أقوالِ الطَّبيبِ «تشَانْغ تشُونْغ جِينْغ -Zhang Zhongjing»: «كَمْ هوَ غريبٌ أنْ يزهدَ النَّاسُ في الاهتمامِ بدراسةِ الطِّبِّ أوِ الوصفاتِ الطِّبِّيَّةِ، ويبغُون المحافظةَ علَى صحَّتِهِم»، ويتبيَّنُ بوضوحٍ مِنْ هذَا القولِ أنَّه يطرحُ فكرةَ استخدامِ الأدويةِ للحفاظِ علَى الصِّحَّةِ. كما يُعدُّ تدريبُ الحيواناتِ الخمسةِ الَّذي ابتكرَه «هُوَا تُو -Hua Tuo» تراثاً مُهمّاً في اليُوغَا الطِّبِّيَّةِ الطَّاويَّةِ. إنَّ فكرةَ الحفاظِ علَى سلامةِ العقلِ وهدوئِه مِنْ أجلِ الحفاظِ علَى الصِّحَّةِ العقليَّةِ تضربُ بجذورِها في فلسفةِ «لَاوْتسي -Laozi» و«تشُوَانْغزي -Zhuangzi»، وهيَ مِنَ الأفكارِ الرَّاسخةِ في البوذيَّةِ والطَّاويَّةِ، وتدعُو هذِه الفكرةُ إلى العزلةِ والابتعادِ عنْ صخبِ الحياةِ وضوضائِها للحفاظِ علَى نقاءِ العقلِ وصفائِه، وهوَ الشَّرطُ الرَّئيسُ لممارسةِ رياضةِ تشِي كُونْغ، وهذَا أيضاً هوَ الغرضُ الأساسيُّ مِنْ ممارسةِ رياضةِ «تشِي كُونْغ -qigong» في البوذيَّةِ والطَّاويَّةِ. في عهدِ أُسرتَيْ «جِين -Jin» و«سُوِي -Sui»، حظِيَتِ الأدويةُ المعدنيَّةُ بشعبيَّةٍ كبيرةٍ في مجالِ المحافظةِ علَى الصَّحَّةِ، وقدْ كانَ طبُّ الجِماعِ متاحاً تماماً قبلَ عهدِ أسرتَيْ «تشِين -Qin» و«هَان -Han»، ولكنَّه اندثرَ لاحقاً بعدَ عهدِ أسرةِ «سُونْغ -Song»، ولم تتوارَثْ منهُ الأجيالُ اللَّاحقةُ إلَّا القليلَ. ويشيعُ الامتناعُ عنْ تناولِ البُقوليَّاتِ في عددٍ قليلٍ منْ مدارسِ البوذيَّةِ والطَّاويَّةِ، بينَمَا تستمرُّ أنظمةُ الحِمْيَةِ الغذائيَّةِ في النُّموِّ. وبالإضافةِ إلى ذلكَ، تطوَّرتْ سبلُ المحافظةِ علَى الصِّحَّةِ منْ خلالِ تنظيمِ درجةِ حرارةِ الجسمِ وفقاً لتغيُّرِ فصولِ السَّنةِ والبيئاتِ والعناصرِ الأخرَى. ويكمُنُ الغرضُ مِنَ ذلكَ في إطالةِ العمرِ والحفاظِ علَى الصِّحَّةِ. ووفقاً لكتابِ القانونِ الدَّاخليِّ للإمبراطورِ الأصفرِ، فإنَّ عمرَ الإنسانِ العاديِّ يجبُ أنْ يصلَ إلى مئةِ عامٍ، ولكنْ لا يحقِّقُ ذلكَ إلَّا القليلُ في الوقتِ الحاليِّ. ويلزمُ للحفاظِ علَى الصِّحَّةِ العنايةُ بالصِّحَّةِ البدنيَّةِ والعقليَّةِ، وللوفاءِ بمُتطلَّباتِ المحافظةِ علَى الصِّحَّةِ، ينبغِي أنْ يتمكَّنَ الشَّخصُ مِنَ الحركةِ بحُرِّيَّةٍ، وأنْ ينعمَ بقوَّةِ حاسَّتَيِ البصرِ والسَّمعِ، وأنْ يتمتَّعَ بكاملِ قُوَاه العقليَّةِ. وتهدفُ جميعُ نظريَّاتِ المحافظةِ علَى الصِّحَّةِ إلى الحفاظِ علَى الحالةِ الطَّبيعيَّةِ للإنسانِ، وتُركِّزُ علَى تقليلِ استهلاكِ الطَّاقةِ، والقدرةِ علَى التَّجدُّدِ، وضمانِ الانسيابيَّةِ، والحفاظِ على الاستقرارِ، وتُؤكِّدُ النِّقاطَ التَّاليةَ:

-1 عندَ تحقيقِ التَّوازنِ بينَ «يِن -yin» و«يَانْغ -yang»، يُفعمُ الجسمُ بالنَّشاطِ والطَّاقةِ، ويجبُ علَى المرءِ تنظيمُ حرارةِ الجسمِ، وتناولُ أغذيةِ الـ«يِنِ -yin» والـ«يَانْغِ -yang» وفقاً لتغيُّراتِ الفصولِ للحفاظِ علَى الصِّحَّةِ، وإطالةِ العُمرِ.

-2 الحفاظُ علَى الطَّاقةِ «تشِي -Qi» وتدفُّقِ الدَّمِ بسلاسةِ في الجسمِ، وتشتقُّ كلمةُ «تشِي -qi» منْ لفظِ الدَّمِ، ويتبعُ تدفُّقَ الدَّمِ قوَّةُ الطَّاقةِ أوِ الحياةُ «تشِي -qi»، فإذَا تدفَّقَا في نمطٍ مُتناسِقٍ ومُنتظِمٍ، ينعمُ الجسمُ بالتَّوازنِ والصِّحَّةِ الجيِّدةِ. ويمكنُ للمرءِ أنْ يحافظَ علَى نشاطِ هذَا التَّوازنِ بتأديةِ الحركاتِ الَّتي تحفِّزُ تدفُّقَ الدَّمِ والطَّاقةَ «تشِي -qi»، وبالإدراكِ الَّذي يوجِّهُ حركةَ الطَّاقةِ تشِي «qi».

-3 تحقيقُ التَّناغُمِ بينَ الجوهرِ والطَّاقةِ، حيثُ يمثِّلُ الجوهرُ الفطريُّ أصلَ الحياةِ، بينَما يُعدُّ الجوهرُ المُكتسَبُ مصدرَ الأنشطةِ الحيويَّةِ. وعلَى ذلِكَ، يمكنُ إطالةُ عُمرِ الإنسانِ عندَ تحقيقِ التَّناغمِ بينَ الجوهرِ الفطريِّ والجوهرِ المُكتسَبِ.

-4 الاعتدالُ في ممارسةِ الحياةِ الجِنسيَّةِ مِنْ أجلِ إنقاذِ الجوهرِ، لأنَّ الحوافزَ الجنسيَّةَ المُفرِطةَ تضرُّ بالجوهرِ، وبالتَّالِي يجبُ علَى المرءِ الامتناعُ عنْ ممارسةِ الجِنْسِ لتجنُّبِ النُّضوبِ، فإنَّ الحفاظَ علَى صفاءِ الذِّهنِ يعودُ بالفائدةِ علَى تحقيقِ الاستقرارِ الذِّهنيِّ، وبالسَّيطرةِ علَى الدَّافعِ الجِنسيِّ يتمكَّنُ الإنسانُ منَ الحفاظِ علَى الجوهرِ الكُلِّيِّ.

-5 تحقيقُ التَّناغُمِ بينَ «يِن -yin» و«يَانْغ -yang» مِنْ خلالِ ممارسةِ الجِنْسِ، الَّتي لمْ تتوارَثْها الأجيالُ إلى العصرِ الحديثِ.

وتشملُ طرقُ المحافظةِ علَى الصِّحَّةِ:

-1 تهيئةَ العقلِ للمحافظةِ علَى الصِّحَّةِ، فالشَّخصُ الَّذي تقلُّ رغباتُه واحتياجاتُه يتَّسمُ بطُمأنينةِ العقلِ وتناسُقِ مستوياتِ الطَّاقةِ «تشِي -qi»، ويترتَّبُ علَى ذلكَ سلاسةُ تدفُّقِ الدَّمِ وهدوءُ الرُّوحِ.

-2 ممارسةَ تمارينِ التَّنفُّسِ للحفاظِ علَى الصِّحَّةِ، فتبدأُ أوَّلاً بتصفيةِ الذِّهنِ، وثانياً بتحقيقِ انسجامِ الطَّاقةِ معَ العقلِ.

-3 ممارسةَ التَّمارينِ البدنيَّةِ والتَّنفُّسيَّةِ للحفاظِ علَى الصِّحَّةِ، ويُشيرُ ذلِكَ علَى وجهِ التَّحديدِ إلَى اتِّباعِ منهجٍ عمليٍّ للحفاظِ علَى الصِّحَّةِ، ويستلزمُ الحركةَ معَ التَّنفُّسِ.

4 - نظامَ الحِمْيَةِ الغذائيَّةِ للحفاظِ علَى الصِّحَّةِ، ويعنِي التَّحكُّمَ في نوعيَّةِ الطَّعامِ وكمِّيَّتِه، ومراعاةَ تنظيمِ تناولِ الطَّعامِ، والانتباهَ إلَى مَا يُمنَعُ تناوُلُه، بمَا فِي ذلكَ أدويةُ الحِفاظِ علَى الصِّحَّةِ.

-5 الحفاظَ علَى الجوهرِ منْ أجلِ المحافظةِ علَى الصِّحَّةِ. أطلِقِ العِنانَ للذَّاتِ، واعمَلْ علَى تنظيمِ التَّدفُّقِ مِنْ أجلِ الحفاظِ علَى الجوهرِ. وتُوجدُ طريقتَانِ لتنظيمِ التَّدفُّقِ، الأُولى: تغذيةُ الرُّوحِ، وتنقيةُ الذِّهنِ مِنْ جميعِ الرَّغباتِ والمخاوفِ، واستقرارُ الحالةِ المزاجيَّةِ السَّعيدةِ، والاسترخاءُ مِنَ أجلِ الحفاظِ علَى الجوهرِ، والثَّانيةُ: الحدُّ منْ ممارسةِ الجِنْسِ. ويُقصَدُ بإطلاقِ العِنانِ للذَّاتِ تحفيزُ نماءِ الجوهرِ، وضبطُ توازنِ الجسمِ بتحقيقِ التَّوازنِ بينَ «يِن -yin» و«يَانْغ -yang».

-6 العيشَ في بيئةٍ مُلائِمةٍ للمحافظةِ علَى الصِّحَّةِ، ويُنصَحُ في هذا الخصوصِ برعايةِ البدنِ والرُّوحِ في مكانٍ تتوافَرُ فيه البرودةُ والجفافُ والهدوءُ، وضوءُ الشَّمسِ السَّاطعُ والرِّياحُ المُنعِشةُ، وسبلُ الرَّاحةِ والمياهُ الصَّافيةُ، والغاباتُ الجميلةُ والأعشابُ النَّضِرةُ.