الطِّبُّ الصِّينِيُّ التَّقلِيدِيُّtraditional Chinese Medicine
فرعٌ منَ الطِّبِّ الصِّينيِّ التَّقليديِّ العريقِ، مثلَ: الطِّبِّ التِّبتيِّ، والطِّبِّ المنغوليِّ، والطِّبِّ الكوريِّ، وطبِّ «هُوِي -Hui»، وطبِّ «الأويغور -Uygur»، وغيرِه منْ طرقِ العلاجِ المختلِفةِ التِي تتَّبعُهَا الأقلِّيَّاتُ الصِّينيَّةُ. ويختصُّ هذَا النَّوعُ مِنَ الطِّبِّ بالأمَّةِ الصِّينيَّةِ دونَ غيرِها، وقدْ ظهرتْ نتيجةُ تراكُمِ الممارساتِ تدريجيّاً فِي ميادينِ الطِّبِّ والحياةِ علَى مدَى مدَّةٍ طويلةٍ.
ويُعرفُ الطِّبُّ الصِّينيُّ التِّقليديُّ أيضاً باسمِ طبِّ الـ«هَان -Han»، وقدْ نشأَ فِي حوضِ النَّهرِ الأصفرِ. وعُثِرَ علَى بعضِ سجلَّاتِ الطِّبِّ الصِّينيِّ التَّقليديِّ منقوشةً علَى عظامِ أوراكلِ فِي عهدِ «شَانْغ -Shang»، يعودُ تاريخُهَا إلى 3,000 عامٍ، لكنَّ تأسيسَه النَّظريَّ بدأَ منذُ ألفَي عامٍ.
وظلَّ الطِّبُّ الصِّينيُّ التِّقليديُّ (TCM) لأكثرَ منْ ألفَي عامٍ أساساً لممارساتِ الرِّعايةِ الصِّحِّيَّةِ السَّائدةِ بينَ الشَّعبِ الصِّينيِّ.
ولمْ يُطلَق عليه مصطلحُ «الطِّبُّ الصِّينيُّ التَّقليديُّ» إلَّا فِــي القرنِ التَّاسعَ عشرَ، عندَمَا دخلَ الطِّبُّ الغربيُّ وانتشرَ فِي الصِّينِ، حتَّى يتميَّزَ عنِ الطِّبِّ الغربيِّ.
وتقومُ النَّظريَّةُ الأساسيَّةُ للطِّبِّ الصِّينيِّ التَّقليديِّ بصفةٍ رئيسةٍ علَى بعضِ النَّظريَّاتِ، مثل: نظريَّةِ «اليِن -Yin» و«اليَانغ -Yang»، ونظريَّةِ «العناصرِ الخمسِ»، والدَّورةِ الدَّمويَّةِ، والحالةِ الحشويَّةِ والقنواتِ والأوعيةِ الرَّادفةِ، إلَى جانبِ المحتوياتِ التِي تشملُ: أسبابَ المرضِ، وآليَّتَه، وطريقةَ تشخيصِه، وتحديدَ النَّمطِ، وطريقةَ العلاجِ، والمبدأَ العلاجيَّ، والوقايةَ مِنَ الأمراضِ، والحفاظَ علَى الصِّحَّةِ، ومَا إلَى ذلكَ.
وتبدأُ عمليَّةُ علاجِ المريضِ بأنْ يَجمعَ الطَّبيبُ المُعالِجُ -بطرقِ الطِّبِّ الصِّينيِّ التَّقليديِّ- المعلوماتِ النِّسبيَّةَ منْ خلالَ ملاحظةِ التَّعبيراتِ التِي تظهرُ علَى وجهِ المريضِ، وصفةِ اللِّسانِ، والحالةِ البدنيَّةِ، والسُّؤالِ عنْ مواضعِ الشَّكوَى وتاريخِ المرضِ، واشتمامِ رائحةِ إفرازاتِ المريضِ وإخراجاتِه، وفحصِ نبضِه. وتُسمَّى هذِه الطُّرقُ الأربعةُ للتَّشخيصِ باسمِ «أساليبُ التَّشخيصِ الأربعةُ».
وبعدَ ذلكَ، يحلِّلُ الطَّبيبُ البياناتِ التِي جمعَهَا، ويُدْرِجُهَا تحتَ ثمانيةِ أنواعٍ عامَّةٍ، هِي: البردُ والحرارةُ، والنَّقصُ والإفراطُ، والخارجيُّ والدَّاخليُّ، و«اليِن -Yin» و«اليَانغ -Yang»، وتُسمَّى هذِه الأنواعُ باسمِ «المُتلازِماتُ الرَّئيسةُ الثَّمانيَّةُ»، ثُمَّ يُحدِّدُ الطَّبيبُ المبادئَ العلاجيَّةَ وفقاً لأنواعِ الأمراضِ المختلِفةِ، ويختارُ الأعشابَ الصِّينيَّةَ التَّقليديَّةَ المُناسِبةَ، ويكتبُ الوصفةَ الطِّبِّيَّةَ لعلاجِ المرضِ.
إنَّ كلَّ مرضٍ مِنْ أنواعِ الأمراضِ المختلِفةِ يعكسُ «متلازِمةً» تُسمَّى (أعراضٌ). ويكمنُ جوهرُ العلاجِ فِي الطِّبِّ الصِّينيِّ التَّقليديِّ فِي تحديدِ المرضِ باعتبارِه مُتلازِمةً مُعيَّنةً، ويُسمَّى ذلكَ (العلاجُ علَى أساسِ تمايُزِ المُتلازِمةِ).
وتشملُ الأدويةُ الصِّينيَّةُ الموادَّ الدَّوائيَّةَ لعلاجِ الأمراضِ والوقايةِ منهَا، بمَا فِي ذلكَ: الأدويةُ النَّباتيَّةُ، والأدويةُ الحيوانيَّةُ، والأدويةُ المعدنيَّةُ وغيرُهَا، بحيثُ تكونُ الأدويةُ النَّباتيَّةُ وخاصَّةً الأدويةُ العشبيَّةُ هِي الأكثرُ استخداماً، ولهذَا السَّببِ اعتادَ النَّاسُ علَى وصفِ العقاقيرِ الصِّينيَّةِ باسمِ (الموادِّ الطِّبِّيَّةِ).
وبناءً علَى طبيعةِ تلكَ العقاقيرِ، يُمكنُ تصنيفُهَا إلَى عدَّةِ أنواعٍ، وتدلُّ علَى كلِّ نوعٍ منهَا مُؤشِّراتٌ كثيرةٌ. فعادةً مَا تستدعِي الأدويــةُ الصِّينيَّةُ الغليانَ فِي الماءِ، حيثُ تُستخلصُ مادَّتُهَا الفعَّالةُ بالغليانِ، وتُؤخذُ عنْ طريقِ الفمِّ، وبالتَّالِي يُطلقُ عليهَا أيضاً اسمُ «المَغليَّاتِ»، ويُمكنُ تحضيرُهَا فِي حبوبٍ أو أقراصٍ أو مسحوقٍ يُتناوَلُ عنْ طريقِ التَّعاطِي بالفمِّ أوِ الاستعمالِ الخارجيِّ المُباشَرِ.
ومنَ الطُّرقِ الأخرَى المُعتمَدةِ فِي الطِّبِّ الصِّينيِّ التَّقليديِّ: الوخزُ بالإبرِ، والكَيُّ، والتَّدليكُ. وتُستخدمُ فِي طريقتَي الوخزِ بالإبرِ والكيِّ جميعُ أنواعِ الإبرِ وكاوياتِ الجلدِ علَى أجزاءٍ مُعيَّنةٍ مِنَ الجسمِ لعلاجِ الأمراضِ، كذَا يُعدُّ التَّدليكُ أوِ العلاجُ اليدويُّ أحدَ طرقِ الرِّعايةِ الصِّحِّيَّةِ، حيثُ تُستخدمُ تقنيَّاتٌ فريدةٌ فِي الضَّغطِ علَى سطحِ الجسمِ وتدليكِه.
إنَّ الطِّبَّ الصِّينيَّ التَّقليديَّ يُولِي أهمِّيَّةً كبيرةً للوقايةِ مِنَ الأمراضِ، فمنذُ أكثرَ منْ ألفَي عامٍ، كانَ قدْ وضعَ الطِّبُّ القديمُ مبدأَ «الوقايةُ خيرٌ مِنَ العلاجِ»، ولا شكَّ أنَّه لا بُدَّ مِنَ الاهتمامِ بالرِّعايةِ الصِّحِّيَّةِ للوقايةِ مِنَ الأمراضِ، ويتحقَّقُ ذلكَ طبقاً لمبادئِ الطِّبِّ الصِّينيِّ التَّقليديِّ، عنْ طريقِ الانتظامِ فِي تناوُلِ الوجباتِ الغذائيَّةِ والشُّؤونِ الحياتيَّةِ، والحفاظِ علَى التَّوازُنِ بينَ العملِ والتَّرفيهِ، والتَّحكُّمِ فِي العاطفةِ، وممارسةِ التَّمارينِ الرِّياضيَّةِ بانتظامٍ، وممارسةِ «تشِيغونْغ -Qigong» (مزيجٌ منَ التَّمارينِ البدنيَّةِ وتمارينِ التَّنفُّسِ العميقِ)، و«التَّاي تشِي -Tai Chi»، وغيرِها.