ش
الشَّرائحُ الخَيزُرانيَّةُ والخشَبيَّةُbamboo and Wooden Slips
ألواحٌ أوْ شرائحُ خيزُرانيَّةٌ خشبيَّةٌ صينيَّةٌ قديمةٌ كانتْ تستخدَمُ في الكتابةِ، وقد استُخدمت لأوَّلِ مرةٍ في عهد أُسرةِ «شَانْغ -Shang»، ثُمَّ تلاشتْ تدريجيّاً معَ انتشارِ الأوراقِ خلالَ حُكمِ أُسرةِ «جِين -Jin»، ويرجعُ تاريخُ الشَّرائحِ الخيزُرانيَّةِ والخشبيَّةِ، الَّتي تُعدُّ اكتشافاً أثريّاً، إلى حقبةِ الممالكِ المُتحارِبةِ والأُسرِ الحاكمةِ منَ «الهَان -Han» إلى «جِين -Jin»، وفي شمالِ غربِ الصِّينِ لا تزالُ بعضُ هذِه الشَّرائحِ أوِ الألواحِ الَّتي ترجعُ إلى عهد حُكمِ «تُوبُو التِّبْتِ -Tubo Tibetan» موجودةً.
اسْتُخرِجتْ أقدمُ الشَّرائحِ الخيزُرانيَّةِ منْ مقبرةِ «مَارْكِيز يي -Marquis Yi» بـ«تسِنْغ -Zeng» في مدينةِ «سويزُهو -Suizhou» التّابعة لمقاطعةِ «خُوبِي -Hubei»، أمَّا آخرُ الشَّرائحِ الخيزُرانيَّةِ فترجعُ إلى عهد أسرةِ «جِين -Jin» الحاكمةِ في موقعِ «لُولَانَ -Loulan» بالقربِ منْ بحيرةِ «لُوَاوْبُوبُو -Luobupo» الدَّاخليَّةِ، وموقعِ «نِييْا -Niya» بمحافظةِ «مِينْفنغ -Minfeng»، ومقابرِ «جِين -Jin» في مدينةِ «تولوفَان -Tulufan» بمنطقةِ «شِين جِيَانْغ أُويْغُور -Xinjiang Uygur» ذاتيَّةِ الحُكمِ، وقدْ تمَّ اكتشافُ مَا يقربُ منْ مئةِ دفعةٍ منَ الشَّرائحِ والألواحِ حتَّى الآنَ، ليصِلَ مجموعها إلى مئةِ أَلْفِ قطعةٍ.
وبعدَ تصنيفِها بحسبِ الشَّكلِ، قُسِّمَتْ هذِه الشَّرائحُ إلى ستَّةِ أنواعٍ:
1. شرائحُ «جِيَان -Jian»، وهذَا النَّوعُ أبسطُ أنواعِ شرائحِ الخيزُرانِ المُستخدَمةِ للكتابةِ.
2. شرائحُ «لِيَانغَانغ -Lianghang»، وهيَ شرائحُ خيزرانيَّةٌ واسعةٌ تكفِي لكتابةِ سطرَيْنِ رأسيَّيْنِ عليهَا.
3. شرائحُ «دُو -Du»، وهيَ شرائحُ أوْ ألواحٌ خشبيَّةٌ وخيزُرانيَّةٌ لهَا طولُ شرائحِ «جِيَانَ -Jian» نفسه، ويبلغُ عرضُها 6 سم، وتُستخدَمُ في كتابةِ العديدِ مِنَ الأسطرِ الرَّأسيَّةِ.
4. شرائحُ «هُو -Hu»، وهيَ عصاً موشوريَّةٌ خشبيَّةٌ يبلغُ طولُها أكثرَ مِنْ 30 سم، ويُكتبُ على جوانبِها مُتعدِّدةِ الأسطحِ.
5. شرائحِ «فينْغيَان -Fengjian»، وهيَ شرائحُ خشبيَّةٌ تُستخدَمُ لختمِ الخطاباتِ أوِ الأغراضِ عندَ إرسالِها.
6. شرائحُ «جيي -Jie»، وهيَ لوحةٌ خشبيَّةٌ قصيرةٌ تُستخدَمُ للتَّوسيمِ والتَّدوينِ علَى الكتبِ. هناكَ شرائحُ أُخرى اسمُها شرائحُ «فيي -fei» أو «شييي -xueyi»، وهي رقيقةٌ ومقشَّرَةٌ وفيهَا كتاباتٌ بخطِّ اليدِ.
وبسببِ توافُرِها، كانتْ شرائحُ الخيزُرانِ مشهورةً في الجزءِ الجنوبيِّ مِنَ الصِّينِ، بينمَا كانتِ الشَّرائحُ الخشبيَّةُ منتشِرةً في الجزءِ الشَّماليِّ الغربيِّ، وعلَى الرَّغمِ مِنْ ذلِك تجبُ معالجةُ الشَّرائحِ أوِ الألواحِ قبلَ الكتابةِ عليهَا بخطِّ اليدِ، فعلَى سبيلِ المثالِ، ينبغِي جعلُ جانبِ الشَّريحةِ الخشبيَّةِ ناعماً للكتابةِ عليْه، أمَّا جانبُ الشَّريحةِ الخيزُرانيَّةِ، فينبغِي جعلُه جافّاً بالتَّسخينِ لتصبح الكتابةُ عليه ممكنَةً، ويجب أيضاً أن يكونَ مُثبَّتاً ضدَّ أيِّ تحلُّلٍ أو سخونةٍ. كان يتمُّ ربطُ الشَّرائحِ المكتوبِ عليهَا في كتلةٍ واحدةٍ بتسلسُلٍ قابلٍ للانعكاسِ، ويُستخدَمُ في عمليَّةِ التَّجميعِ أوِ الرَّبطِ صفَّانِ أوْ أكثرُ منْ خيطِ الحريرِ أوِ الكِتَّانِ. كانتِ النُّصوصُ تُكتبُ على الشَّرائحِ أوِ الألواحِ بشكلٍ رأسيٍّ أوْ طوليٍّ مِنَ اليمينِ إلى اليسارِ، وعلَى جانبٍ واحدٍ أوْ كِلا الجانبَيْنِ، أمَّا التَّذييلاتُ فكانَت تتمُّ كتابتُها في مساحةٍ في نهايةِ الشَّريحةِ أوِ اللَّوْحِ، وأحياناً يُشارُ إليهَا ببعضِ الأعدادِ المُعيَّنةِ، ومنَ المُمكِنِ طيُّ أو لفُّ الشَّرائحِ أوِ الألواحِ المكتوبِ عليهَا والمربوطةِ معَ بعضِها في كتلةٍ واحدةٍ. وفي أغلبِ الأحيانِ، وكمَا تمَّ توضيحُه في الشَّرائحِ المُستخرَجةِ مِنْ تحتِ الأرضِ، يتمُّ وضعُ آخرِ شريحةٍ لكلِّ لفَّةٍ في المِحورِ معَ جعلِ التَّذييلاتِ في الخلفِ، وبعدَ ذلكَ -بعدَ طيِّها أو لفِّها- يتمُّ ربطُ كُتلِ الشَّرائحِ أوِ الألواحِ معاً بالحبالِ للتَّجميعِ في رفوف الكتبِ أو داخلِ أوعيةِ الكتبِ، لقدَ كانَ لنظامِ كتابةِ الأحرفِ الصِّينيَّةِ بشكلٍ رأسيٍّ أو عموديٍّ علَى الشَّرائحِ مِنْ جهةِ اليمينِ إلى اليسارِ تأثيراً بالِغاً في الثَّقافةِ الصِّينيَّةِ، وبعدَ اختراعِ تقنيَّاتِ الطِّباعةِ والورقِ بقيتْ وحدةُ الكتبِ مِنَ الشَّرائحِ الملفوفةِ في الصِّينِ الحديثةِ للنَّسخِ منهَا، أوِ المُقابَلةِ معَها في الكتابةِ والشَّكلِ، وهُوَ مَا يمكنُ أنْ يكونَ دليلاً علَى أنَّ مصادرَها مِنْ نظامِ الكتابةِ القديمةِ. تتفاوت مستوياتُ محتوياتِ الشَّرائحِ الكتابيَّةِ، فمِنها الوثائقُ الرَّسميَّةُ والخطاباتُ الشَّخصيَّةُ ونُصوصُ الكُتبِ والرُّوزنامةُ وسجلَّاتُ الدَّفنِ، وكلُّها تُعَدُّ آثاراً خطِّيَّةً ثمينةً لهَا قيمةٌ تاريخيَّةٌ عاليةٌ.