الرُّمُوزُ الصِّينِيَّةُChinese Character

الخَطُّ البُرُونْزِيُّ

كتابةُ رموزِ اللُّغةِ الصِّينيَّةِ تُبرزُ تاريخَها الطَّويلَ في العالمِ، ولا يزالُ الكثيرُ مِــنْ هذِه الرُّموزِ الَّتي أُوجِدتْ فــي الماضِي قيدَ الاستخدامِ حتَّى اليومِ، ذلِكَ على النَّقيضِ مِنْ أنظمةِ الكتابةِ الَّتي نشأَتْ في المرحلةِ الزَّمنِيَّةِ نفسها، كالكتابةِ في مِصْرَ القديمةِ والهِنْدِ وحوضِ دِجْلَةَ ومنطقةِ بحر «إيجَه -Aegean»، إذ أصبحتْ كُلُّها منسيَّةً. ابتكرَ شعبُ «الهَاِن -Han» القديمُ الرُّموزَ الصِّينيَّةَ خلالَ قيامِهم بأعمالِهم وحياتِهم اليوميَّةِ، وقد تميَّزتْ، إلى جانبِ النِّظامِ الدَّقيقِ الموروثِ للنَّماذجِ التَّركيبيَّةِ، بتناغُمٍ كبيرٍ في تطوُّرِهَا وانتشارِها في العصور والمناطقِ المُختلِفةِ.

الظُّهُورُ

إنَّ للرُّموزِ الصِّينيَّةِ تاريخاً طويلاً، لكنْ مِنَ الصَّعبِ أنْ نُحدِّدَ التَّاريخَ الدَّقيقَ لنشأتِها. يعودُ تاريخُ أوَّلِ رموزٍ موجودةٍ الآنَ إلى عصرِ أسرةِ «شَانْغَ -Shang»، وهيَ تلكَ الرُّموزُ الموجودةُ على مخطوطةِ الكهَانةِ والمخطوطةِ البرونزيَّةِ، ولأَنَّ هذه الأشكالَ تعدُّ بالفعلِ أشكالاً مُتقدِّمةً منَ الكتابةِ الصِّينيَّةِ، فلا بُدَّ أنَّ الرُّموزَ الصِّينيَّةَ الأُولَى قد نشأَتْ قبلَ عهدِ هذه الأسرةِ، ما يعنِي أنَّها قدْ أُوجِدتْ خلالَ أو قبلَ أسرةِ «شِيَا -Xia» الحاكِمةِ.

تَطَوُّرُ المَخطُوطَاتِ (الكِتَابَةِ/ الرُّمُوزِ)

نَقْشٌ على الحَجَرِ لِـ (لِي سِي) في جَبَلِ تَايْشَان

تعدُّ الرُّموزُ الموجودةُ على مخطوطةِ الكِهَانـــةِ المنقوشــةِ بالعظمِ والمخطوطةِ البرونزيَّةِ، اللَّتَيْنِ يعودُ تاريخُهُما إلى عهدِ أســرةِ «شَانْغ -Shang»، نظامَ كتابةٍ صينيّاً قديماً «جَاغُوِين -jiaguwen». وهذه الرُّموزُ بسيطةُ التَّركيبِ وليستْ صوراً بدائيَّةً للتَّوثيقِ. وعندَما وحَّدَ أوَّلُ إمبراطورٍ في عهدِ أسرةِ «شين -Qin» الصِّينَ، تبنَّى اقتراحَ «لِــي سِي -Li Si» فيمَا يتعلَّقُ بتوحيدِ نظامِ الكتابةِ الصِّينيِّ، مُلغِياً بذلِكَ كلَّ مَا عدَاه منْ أنظمةِ الكتابــةِ. وبهذَا أصبحتْ مخطوطةُ «شين -Qin» -مخطوطةُ الخاتمِ الكبيرِ «دَاتُسُوَان -dazhuan»- رسميّاً نظامَ الكتابةِ الرَّسميَّ في البلادِ، وذلِكَ قبلَ أنْ تُختصَرَ إلى مخطوطةِ الخاتمِ الصَّغيرِ «شِيَاوْتسُوَان -xiaozhuan». ثُمَّ بُسِّطتْ هذِه المخطوطةُ فيمَا بعدُ لتصبحَ المخطوطةَ الكهنوتيَّةَ «لِيشُو -lishu»، والَّتي خضعتْ لتطويراتٍ مُستمرَّةٍ خلالَ عهدِ أسرةِ «هَان -Han» الحاكمةِ التَّاليةِ، حتَّى إنَّها غدتِ المخطوطةَ الأشهرَ في هذا التَّوقيتِ، كما غدتِ المخطوطةَ الأكثرَ شهرةً في تلكَ الآونةِ، كما شهدَ عهدُ أسرةِ «هَان -Han» أيضاً ظهورَ المخطوطةِ ذاتِ الرُّموزِ الدَّائريَّةِ المُتَّصلةِ ببعضِها «كَاوْشُو -caoshu». وخلالَ عهدِ أُسرتَي «وِي -Wei» و«جين -Jin» ظهرتِ المخطوطةُ المنتظِمةُ «تسِنْ شُو -zhenshu» أوْ «كَايْ شُو -kaishu»، الَّتي تبلغُ في ضخامتِها الكتابةَ الصِّينيَّةَ التَّقليديَّةَ الحاليَّةَ «فَانْتِي زِي -fanti-zi». إنَّ كلَّ هذا التَّطوُّرِ عموماً كانَ بغرضِ التَّبسيطِ.

التَّرْكِيبُ

يتألَّفُ نظامُ الكتابةِ الصِّينيُّ منْ رموزٍ مُربَّعةِ الشَّكلِ ذاتِ رسومٍ لفظيَّةٍ. وبعضُ هذه الرُّموزِ -أقلُّ منْ 10 % منْ مجموعِها- رموزٌ مفرَدةُ العنصرِ «دُوتِي-تسِي -duti-zi»، في حينِ أنَّ البقيَّةَ مُركَّبةُ العناصرِ «هِيتِي-تِسِيheti-zi»، عِلماً بأنَّها تتكوَّنُ بناءً على الأُولَى. تشملُ قائمةُ العناصرِ البسيطةِ الصُّورَ المنحوتةَ «شِيَانْغشينغ-تِسِي -Ziangxing-zi»، والإِيدُوغْرَام أوِ الرُّموزَ الدَّالَّةَ «شِيشِي-تسِي -Zhishi-zi»، والمشتقَّةَ منَ الرُّموزِ الَّتي تشبِهُ الصُّورَ. أمَّا قائمةُ الرُّموزِ المكوَّنةِ مْن عناصرَ مركَّبةٍ، فإنَّها تشملُ الرُّموزَ التَّرابطيَّةَ «هُويِي-تِسِي -huiyi-zi»، والرُّموزَ الصَّوتيَّةَ المُصوَّرةَ «شينغِشينغ-تِسِي -Xingsheng-zi»، الَّتي تفسِّرُ معظمَ الرُّموزِ المُركَّبةِ.

العَلَاقَةُ بَينَ الرُّمُوزِ الصِّينِيَّةِ وَاللُّغَةِ الصِّينِيَّةِ

تجمعُ الرُّموزُ الصِّينيَّةُ بينَ كونِها صوتيَّةً - شارحةً وذاتَ مقاطعَ صوتيَّةٍ، بحيثُ يشيرُ كلُّ رمزٍ إلى مقطعٍ بعينِه، ولكنْ ليسَ بالضرورةِ إلى كلمةٍ واحدةٍ بعينِها. وعلَيْه، فقدْ تُشيرُ إلى مقطعٍ صرفيٍّ واحدٍ منَ الكلمةِ. وعلى الرَّغمِ منْ كونِها مقطعيَّةً، إلَّا أنَّ الرُّموزَ الصِّينيَّةَ لا تعكسُ دائماً منطوقَها، وباعتبارِها عناصرَ في نظامِ الكتابةِ للُّغةِ الصِّينيَّةِ، يجبُ أنْ تُكتَبَ كلُّ هذِه الرُّموزِ وفقَ نظامٍ مُحدَّدٍ.

التَّوسُّعُ والتَّعْقِيدُ وَالتَّبْسِيطُ

اشتملتِ الفصولُ الثَّلاثةُ الرَّئيسةُ خلالَ أسرةِ «شين -Qin» –فصلُ «كَانْغ جِي -Cang Jie»، وفصلُ المعرفةِ وفصلُ الأحداثِ التَّاريخيَّةِ– على ما مجموعُه 3,000 رمزٍ، بَيْدَ أنَّ هذا العددَ قدْ زادَ أكثرَ مِنْ ذلِكَ بعشرةِ أضعافٍ بحلولِ منتصفِ عصرِ أسرةِ «شينغَ -Qing»، وبالتَّحديدِ عندَما احتوَى قاموسُ «كَانْ غشِي -Kangxi» (1716م) مَا يربُو على 47,000 رمزٍ، وذلِكَ على الرَّغمِ منْ أنَّ عددَ الرُّموزِ المُستخدَمةِ في الحياةِ اليوميَّةِ فقطَ ما بينَ 6,000 و7,000، ومع ذلِكَ، فإنَّ عمليَّةَ التَّطويرِ الَّتي لحقَتْ بالرُّموزِ الصِّينيَّةِ كانتْ مجرَّدَ عمليَّةِ تبسيطٍ، حيثُ إنَّها قدْ تبعتِ المعاييرَ الَّتي تتمُّ ممارستُها على نطاقٍ واسعٍ وتلكَ المتعارَفَ عليها عادةً. وبعدَ تأسيسِ جمهوريَّةِ الصِّينِ الشَّعبيَّةِ، بذلتِ اللَّجنةُ القوميَّةُ لإصلاحِ اللُّغةِ جهوداً مضنيةً في التَّحقَّقِ منْ تصميمِ الرُّموزِ المُبسَّطِ، مَا أسهمَ بشدَّةٍ في توحيدِ نظامِ الكتابةِ الصِّينيِّ.