حُلمُ الغُرْفَةِ الحَمْرَاءِDream of the Red Chamber

إحدَى الرِّوَاياتِ الكلاسيكيَّةِ الصِّينيَّةِ الأربعِ الَّتي أُلِّفتْ في منتصَفِ القرنِ الثَّامنَ عشَرَ في عهدِ أُسرةِ «تشِينْغ -Qing»، وقد كتبَ «تسَاو شِيُوي تشين -Cao Xueqin» أوَّلَ 80 باباً منْهَا في «دماءٍ ودُموعٍ»، أيْ في بيئتِهِ البائسةِ وشيخوختِهِ المُقفِرةِ، وتُعرفُ الرِّوايةُ أيضاً باسمِ (قصَّةِ الحَجَرِ).

وقد انتشرتْ في نُسَخٍ مخطوطةٍ حتَّى قامَ كلُّ مِنْ «تِشِينْغ وِييُوَان -Cheng Weiyuan» و«جَاوْ إِي -Gao E» بنشرِها مطبوعةً في عامِ 1791م، بعد أن أضافَا 40 باباً لإكمالِ الرِّوايةِ وتغييرِ عنوانِها إلى «حُلْمُ الغُرْفَةِ الحَمْرَاءِ». ينعكسُ التَّنافُسُ الرُّومانسيُّ والصَّداقةُ بينَ «جِيَا بَاوُيُو -Jia Baoyu» و «لِينْ دَايُو -Lin Daiyu» و«تِشيُو بَاوْتشَي -Xue Baochai» وحبُّهم وزواجُهم المأساويُّ في ظهورِ وانهيارِ القبائلِ الأربعِ الرَّئيسةِ: قبيلةِ «جِيَا -Jia»، وقبيلةِ «وَانْغ -Wang»، وقبيلةِ «شِي -Shi»، وقبيلةِ «تشِيُو -Xue»، وبتعبيرٍ أشملَ: الانهيارُ التَّدريجيُّ للإقطاعِ، والمناداةُ بالحُرِّيَّةِ الشَّخصيَّةِ والمساواةِ في هذَا الوقتِ، بالإضافةِ إلى الإعجابِ بالرُّوحِ الأوَّليَّةِ للدِّيموقراطيَّةِ.

صُورَةٌ تَوْضِيحِيَّةٌ لِحُلْمِ الغُرفَةِ الحَمْرَاءِ (نُسْخَةٌ مَطْبُوعَةٌ عَلَى كُتْلَةٍ تَعُودُ إِلَى عَصْرِ أُسْرَةِ «تشِينْغ» الحَاكِمَةِ)

تقدِّمُ الرِّوايةُ -الَّتي كُتبتْ بطريقةٍ واقعيَّةٍ- وصفاً دقيقاً للحياةِ الاجتماعيَّةِ الفِعْليَّةِ في ذلكَ الوقتِ، وصوراً مفصَّلةً للشَّخصيَّاتِ النَّموذجيَّةِ الكثيرةِ، وقدْ برعَ «تسَاو شِيُوي تشين -Cao Xueqin» في تكوينِ الشَّخصيَّاتِ وأدوارِها منْ خلالِ وضعِها في صراعاتِ الحياةِ اليوميَّةِ، وإضفاءِ الطَّابعِ الفنِّيِّ علَى مشاعرِهم وحالاتِهم المزاجيَّةِ، وهذا منحَ جميعَ الشخصيَّاتِ حيويةً وحياةً، ومن بين الشخصيَّاتِ أبطالٌ يتسمون بالعاطفةِ الشَّديدَةِ والتَّمردِ كـ«جِيَا بَاوْيُو -Jia Baoyu»، و«لِين داييُو -Lin Daiyu» الَّذي يتميَّزُ بالتَّوحُّدِ والفخرِ ورقَّةِ المشاعرِ، و«شِيُويِه بَاوْتَشَاي -Xue Baochai» الَّذي يتَّصفُ بالشَّرفِ والعفَّةِ والذَّكاءِ واللَّباقةِ، و«وَانْغ تشِفِنْغ -Wang Xifeng»الَّذي تغلبُ علَى تصرُّفاتِهِ القسوةُ والوَحْشيَّةُ والخبثُ، والأختِ الثَّانيةِ «يُو -You» الَّتي يغلبُ عليهَا الضَّعفُ والحِلْمُ، والأُختِ الثَّالثةِ «يُو -You» الَّتي تتَّصفُ بالشَّجاعةِ والقسوةِ. تمتازُ نبرةُ الرِّوايةِ بأنَّها ميتافيزيقيَّةٌ واقعيَّةٌ، وقدْ تمَّ الرَّبطُ بينَ أجزائِها بطريقةٍ مُتباينةٍ، ففِي الغالبِ يتمُّ الإشارةُ إلَى الشَّيءِ ونقيضِهِ في آنٍ واحدٍ، فالجمالُ مقابلُ القُبحِ، والواقعُ مقابلُ الخيالِ، والتَّحكُّمُ مقابلُ الرُّضوخِ للحُكمِ، وقدْ تمَّتِ الإشادةُ بتلكَ الرِّوايةِ كواحدةٍ مِنْ أكثرِ الأعمالِ تعقيداً وتأثيراً مِنَ النَّاحيةِ النَّفسيَّةِ في الأدبِ العالَميِّ. تُشتهرُ هذِه الرِّوايةُ أيضاً بلُغتِها الرَّاقيةِ الدَّقيقةِ الرَّائعةِ، الَّتي يُعتَقدُ أنَّها وصلتْ إلى درجةِ الكمالِ، فالاندماجُ المُتقَنُ للقصائدِ والأبياتِ والأناشيدِ والأغانِي الأصيلةِ يسهمُ بشكلٍ كبيرٍ في تشكيلِ الشَّخصيَّاتِ وكشفِ حَبْكةِ الرِّوايةِ. وتُعدُّ هذِه الرِّوايةُ مِنَ الأعمالِ الفنِّيَّةِ الرَّائعةِ في الأدبِ الصِّينيِّ، وهي بوجهٍ عامٍّ إحدَى الرِّواياتِ الَّتي بلغتْ قمة الخيالِ الكلاسيكيِّ الصِّينيِّ، فكانَ لهَا تأثيرٌ بالغٌ في ما تلاهَا منْ رواياتٍ عائليَّةٍ، إضافةً إلَى ذلكَ فقد أُعيدَتْ صياغتُها حتَّى الآنَ لأُوبِرَا «شَاوْشِينْغ -Shaoxing»، وأوُبرَا «بِكِينَ -Peking»، وأوبرَا «بِينْجُو -Pingju»، وقُدِّمت في أفلامٍ وفي مُسَلْسَلاتٍ، ومَا إلَى ذلِكَ.