التَّطوُّرُ وَالأَخلَاقُEvolution and Ethics
ظهرتْ ترجمةُ «يَان فُو -Yan Fu» لكتابِ: التَّطَوُّرُ وَالأَخْلَاقُ لأوَّلِ مرَّةٍ في عامِ 1897م في جريدةِ «قُووِن دِيلِي -Guo Wen Daily»، وهيَ الصَّحيفةُ الَّتي نشرتْ هذَا البحثَ في سلسلةٍ مِنَ القضايَا الفرعيَّةِ، وبعدَ عامٍ واحدٍ طُبِعَ الكتابُ بأكملِه على قوالبَ خشبيَّةٍ ونُشرَ في «خُوبِي -Hubei»، ونُشِرتْ منْه طبعةٌ حجريَّةٌ في «تِيَانْجِين -Tianjin»، ويستندُ الكِتابُ إلى محاضراتٍ ألقاهَا «تُومَاسُ هِكْسِلِي -Thomas Huxley» في جامعةِ «أُكْسفُورْد -Oxford» (بناءً على دعوةٍ تلقَّاهَا مِنْ «جُورْج رُومَان -George Romanes»)، ونُشرَ بعدَ أنْ أُضِيفتْ إليه مُقدِّمةٌ ومقالاتٌ أُخرَى، ويُعدُّ أحدَ أَهَمِّ أعمالِ «تُومَاسَ هِكْسِلِي -Thomas Huxley» الَّتي تدعُو إلى الدَّاروينيَّةِ، وقدِ اتَّبعَ «يَان -Yan» منهجاً لِيبراليّاً في ترجمتِهِ، حيثُ سلَّطَ الضَّوءَ على أفكارِ «هِيكْسِلِي -Huxleys» التَّطوُّريَّةِ، وأضافَ العديدَ منَ التَّعليقاتِ للتَّعبيرِ عنْ آرائِهِ ومعتقداتِهِ، وبالرَّغمِ مِنْ تأييدِهِ لنظريَّةِ «هيكْسِلِي -Huxleys» الَّتي تنصُّ على بقاءِ الأقوَى، واعتقادِهِ بأنَّ قانونَ التَّطوُّرِ البيولوجيِّ يمثِّلُ التَّنافُسَ مِنْ أجلِ البقاءِ، إلَّا أنَّه اختلفَ معَ المُؤلِّفِ حولَ تطبيقِ النَّظريَّةِ على المُجتمعِ البشريِّ، في حينِ جادلَ «هيكْسِلِي -Huxleys» بأنَّها نظريَّةٌ غيرُ قابلةٍ للتَّطبيقِ، لأنَّ العَمَلِيَّةَ الأَخْلَاقِيَّةَ للجنسِ البشريِّ يمكنُ أنْ تتغلَّبَ على العَمَلِيَّةِ الكَوْنِيَّةِ للانتقاءِ الطَّبيعيِّ. استشهدَ «يَان -Yan» بأفكارٍ «هِرْبِرْت سِبِنْسَر -Herbert Spencers» الدَّاروينيَّةِ الاجتماعيَّةِ لاستكمالِ نظريَّةِ هِكْسِلِي، كما استخدمَ نظريَّةَ التَّنَافُسِ مِنْ أَجْلِ البَقَاءِ لتفسيرِ المجتمعِ الإنسانيِّ، ومعَ ذلِكَ فقدْ شدَّدَ على أهمِّيَّةِ الجهودِ الإنسانيَّةِ حيثُ انتقدَ أفكارَ «سِبِنْسَر -Spencers» التَّحرُّريَّةَ الَّتي استخدمَها للدِّفاعِ عَنِ العُنصريَّةِ. وبالرَّغمِ منْ أنَّ نظريَّاتِ «يَان -Yan» لم تكنْ عِلْميَّةً تماماً، إلَّا أنَّها كانتْ تهدفُ لسببٍ نبيلٍ، وهوَ تشجيعُ المواطنِينَ الصِّينيِّينَ على إنقاذِ أُمَّتِهم بجهودٍ مُوَحَّدةً، ومِنْ هذَا المُنطلَقِ حقَّقَ الكتابُ نجاحاً كبيراً مِنْ حيثُ تأثيرُه الاجتماعيُّ بعيدُ المدَى، فقدْ أثارَ ضجَّةً كبيرةً بينَ المُفكِّرِينَ الصِّينيِّينَ عندَ نَشْرِه، وألهَمَ الأشخاصَ المُحسنِينَ والصَّالِحينَ لاعتناقِ الأيديولوجيَّاتِ الإصلاحيَّةِ والثَّوريَّةِ مِنْ أجلِ الإنقاذِ الوطنيِّ.