بحرُ بُوهَايBohai Sea
يمتازُ بحرُ «بُوهَاي -Bohai» بأنَّه بحرُ إِفْرِيزٍ قَارِّيٍّ، أو جُرْفٌ قارِيٌّ شِبهُ مُغلَقٍ. وهو أكبرُ بحرٍ صينيٍّ داخليٍّ، وبوَّابةُ الصِّينِ الشَّماليَّةُ علَى المحيطِ. بحر بوهاي مُحاطٌ باليابسةِ منْ ثلاثِ جهاتٍ بمَا يُشبِهُ ثمرةَ يَقْطينٍ مُنثنِيةٍ بمخرجٍ وحيدٍ فقطْ. تبلغُ مساحة بحر بوهاي 77,000 كيلومترٍ مُربَّعٍ، وهوَ الأصغرُ بينَ البحورِ الصِّينيَّةِ الأربعةِ، وهم: البحرُ الأصفرُ، وبحرُ الصِّينِ الشَّرقيُّ، وبحرُ الصِّينِ الجنوبيُّ، إضافةً إلى بحرِ بُوهَاي. ويتراوحُ عمقُه بينَ 18 متراً إلى 70 متراً في أكثرِ مناطقِه عمقاً، ويبلغُ طولُه 556 كم وعرضُه 346 كم، ويقعُ كاملُ البحرِ في جُرفٍ قارِّيٍّ غنيٍّ بالنِّفطِ والغازِ الطَّبيعيِّ. قبلَ مئَتَيْ مليونِ عامٍ، وتحديداً في «العصرِ الجيولوجيِّ الوسيطِ -Mesozoic» كانَ بحرُ بُوهَاي والمنطقةُ المجاورةُ لَه يابسةً غيرَ مُستقِرَّةٍ، وقدْ هبطتْ فيمَا بعدُ نتيجةَ تحرُّكاتِ القشرةِ الأرضيَّةِ لتصبحَ حوضاً أرضيّاً غمرَتْهُ مياهُ البحرِ فيمَا بعدُ، وذلكَ يُفسِّرُ ارتباطَ تكوينِ البحرِ بحركةِ القشرةِ الأرضيَّةِ، إنَّ قاعَ بحرِ بُوهَاي ما يزالُ حتى الآن يهبطُ فِعليّاً لكنْ بدرجةٍ غيرِ ملحوظةٍ، وتتكوَّنُ تُربةُ قاعِهِ المنبسطةُ مِنَ الرِّمالِ والطَّمْيِ الأملسِ الَّذي يتحدَّرُ مِنَ الخلجانِ الثَّلاثةِ نحوِ خليجِ «بُوهَاي -Bohai»، ويُصنَّفُ ساحلُه علَى أنَّه غرينِيٌّ «طمِيِيٌّ» وطينيٌّ علَى طولِ خليجه وطول دلتا النَّهرِ الأصفرِ، والضَّفَّةِ الشَّماليَّةِ لخليجِ «لِيَاوْدُونْغ -Liaodong»، ويتحوَّلُ إلى ساحلٍ صخريٍّ رمليٍّ بحُبيباتٍ خشنةٍ في ضفَّتِهِ الغربيَّةِ وصولاً للشَّمالِ عندَ مصبِّ نهرِ «لُوَنْهِي -Luanhe»، ويتحوَّلُ ثانيةً إلى ساحلٍ صخريٍّ بطولِ الضَّفَّةِ الشَّماليَّةِ لشِبهِ جزيرةِ «شَانْدُونْغ -Shandong» والضَّفَّةِ الغربيَّةِ لشِبهِ جزيرةِ «لِياوْدُونْغ -Liaodong»، وتقعُ فيه عدَّةُ جُزرٍ، هيَ: «مِيَاوْدَاو -Miaodao»، «أَرْتِشِيبِيلَاغُو -Archipelago»، وجزيرةُ «تشَانْجِزِينْغ -Changxing»، وجزيرةُ «فِينْجِمِينغ -Fengming»، ثُمَّ جزيرةُ «كِرِيسَانْثِمَام -Chrysanthemum»، وتصبُّ بعضُ الأنهارِ في بحرِ بُوهَاي لتجعل نِسبةَ ملوحتِهِ أقلَّ، كمَا تحملُ تلكَ الأنهارُ معَها كمِّيَّاتٍ هائلةً مِنَ الطَّميِ الرَّمليِّ، فعلَى سبيلِ المثالِ يُلقِي النَّهرُ الأصفرُ في بُوهَاي مليارَ طنٍّ منَ الطَّميِ الرَّمليِّ، ليجعلَ بحرَ بُوهَاي أكثرَ بحورِ الصِّينِ عَكَراً، كمَا أنَّه الأكثرُ برودةً في الصِّينِ نتيجةَ وقوعِه في منطقةٍ عاليةٍ، فتتجمَّدُ شواطئُهُ شتاءً مَا عدَا «قِينْهُووَانْغَدَاو -Qinhuangdao» و«هُولُودَاو -Huludao». إن بحر بوهاي يشهدُ تنوُّعاً بَحْريّاً عظيماً، لأنَّه يزخرُ بالعديدِ مِنَ الكائناتِ البَحْريَّةِ كالأسماكِ والجَمْبَري والكَابُوريَا والأصدافِ البحريَّةِ، ومنْ الكائناتِ البحريَّةِ الَّتي تُمثِّلُ مصدراً تجاريّاً مربحاً: الجَمْبَريُّ، وسمكُ سليمانَ الصَّغيرُ الأصفرُ، وسمكُ الغمدِ الأسودُ. يطلُّ على بحرِ بوهاي مَا يزيدُ علَى مئةِ ميناءٍ، منْها مَا هوَ قائمٌ بالفعلِ ومنهَا مَا هُوَ تحتَ الإنشاءِ، ولذَا فهوَ بوَّابةٌ رئيسةٌ لشمالِ الصِّينِ للانفتاحِ التِّجاريِّ علَى العالَمِ. بالإضافةِ لمَا سبقَ يُمثِّلُ بحرُ بُوهَاي أكبرَ مَصْدرٍ للمِلْحِ في الصِّينِ، فقدْ تأكَّدَ أنَّ مياهَهُ شديدةُ الملوحةِ تترسَّبُ بطولِ سواحلِ خليجِ «لَايْزُو -Laizhou» بنسبةِ 7.6 مليارات مترٍ مُكعَّبٍ، ما يُساوِي 800 مليونِ طنٍّ منَ الملحِ، لتكون المنطقةُ أشبَهَ بوعاءٍ مِلْحيٍّ سائلٍ عالِي التَّركيزِ.