أُوِيَانْغ شِيُوِي (1007 – 1072م)Ouyang Xiu
رجلٌ سياسيٌّ وكاتبٌ وشاعرٌ عاش في عهدِ أسرةِ «سُونْغ -Song» الشَّماليَّةِ، واسمُه التَّبجيليُّ «يُونْغشُو -Yongshu»، ويُكنَّى بالعجوزِ المخمورِ، أو العاميِّ الَّذي يطبِّقُ تعاليمَ ستَّةٍ–واحدٍ. وُلِدَ فِي «يُونْغ فِنْغ -Yongfeng» بمقاطعةِ «جِيَانْغشِي -Jiangxi» وفِي سنِّ الثَّالثةِ مِنْ عمرِه تُوُفِّيَ والدُه، وتولَّتْ والدتُه المتعلِّمةُ المسؤوليَّةَ الكُبرَى فِي تعليمِه فِي وقتٍ مبكِّرٍ. وفِي عامِ 1030م اجتازَ مستوَى شهادةِ الدِّراساتِ العليَا فِي امتحانِ الخدمةِ المدنيَّةِ الإمبراطوريِّ. وفِي العامِ التَّالِي تمَّ تعيينُهُ قاضياً إقليميّاً بمدينةِ «لُويَانْغ -Luoyang»، العاصمةِ الغربيَّةِ القديمةِ لأسرةِ «تَانْغ -Tang»، وقدْ شغلَ العديدَ مِنَ المناصبِ خلالَ مراحلِ عمرِه المختلفةِ، مثلِ نائبِ مفوَّضِ الشُّؤونِ العسكريَّةِ ومساعدِ كبيرِ المستشارِين، وغيرِها مِنَ المناصبِ. وفِي عامِ 1034م، تمَّ تعيينُهُ مقارِناً ومجمِّعاً للنُّصوصِ فِي الأكاديميَّةِ الإمبراطوريَّةِ فِي «كَايفِنْغ -Kaifeng»، وهناكَ أصبحَ زميلاً لحاكمِ «كَايفِنْغ -Kaifeng» «فَان تشُونْغِيَان -Fan Zhongyan»، وقدْ كانَ «فَان -Fan» مُصلِحاً سياسيّاً صارماً، وأيَّدَهُ «أُويَانْغ -Ouyang» فِي حركتِهِ الإصلاحيَّةِ متنبِّئاً بحدوثِ تحسُّنٍ سياسيٍّ بعضَ الشَّيءِ. وهذَا مَا تسبَّبَ فِي الحطِّ منْ رتبةِ «أُويَانْغ -Ouyang» عدَّةَ مرَّاتٍ. فعندَما أيَّدَهُ «وَانْغ أَنْشِي -Wang Anshi» فِي حركتِه الإصلاحيَّةِ الجديدةِ، عارضَهُم «أُويَانْغ -Ouyang» بشدَّةٍ، ورفضَ تنفيذَ تلكَ الإصلاحاتِ، خاصَّةً نظامَ الإيجارِ القائمِ علَى البراعمِ الخضراءِ. وفِي عامِ 1071م، لمْ يكنْ أمامَهُ سوَى أنْ يتقاعدَ ويتركَ مقاليدَ الحكمِ، وتُوُفِّيَ فِي العامِ التَّالِي، ولقِّبَ بعدَ وفاتِهِ بـ«وُنْزُهُونْغ -Wenzhong»، وأصبحَ «أُويَانْغ شِيُوِي -Ouyang Xiu» أعظمَ شخصيَّةٍ أدبيَّةٍ فِي عصرِه، وصُنِّفَ بشكلٍ تقليديٍّ واحداً منْ بينِ أعظمِ ثمانيةِ شعراءَ برعُوا فِي النَّثرِ مِنْ أُسرِتيْ «تَانْغ -Tang» و«سُونْغ -Song». وفِي فترةٍ مبكِّرةٍ منْ حكمِ أسرةِ «سُونْغ -Song» الشَّماليَّةِ، كانتْ طريقةُ كتابةِ النَّثرِ القديمِ مصقولةً وبرَّاقةً للغايةِ دونَ جوهرٍ، وقدْ كانَ «أُويَانْغ -Ouyang» يفضِّلُ النَّثرَ القديمَ منذُ سنٍّ مبكِّرةٍ، ولكنَّه كانَ يشجِّعُ حركةَ النَّثرِ الكلاسِّيكيِّ، ساعياً إلَى انتهاجِ أسلوبٍ بسيطٍ وسلسٍ فِي الكتابةِ، وقدْ ساعدَه وضعُه السِّياسيُّ، وكذلكَ تأثيرُه فِي محيطِ المجتمعِ الأدبيِّ، إذ تولَّى قيادةَ حركةِ الابتكارِ فِي النَّثرِ القديمِ فِي عهدِ أسرةِ «سُونْغ -Song» الشَّماليَّةِ، وهذا دفعَ بعضَ النُّقادِ إلَى إرجاعِ الفضلِ الأكبرِ إليه فِي تطويرِ أساليبِ التَّعبيرِ الجديدةِ فِي النَّثرِ الإيضاحيِّ إلى مجموعةٍ متنوِّعةٍ مِنَ الأساليبِ. وقدِ اقتدَى بِه كثيرٌ مِن مشاهيرِ العلماءِ مثلِ «شُو شِي -Su Shi» و«شُو زِهِي -Su Zhe» و«زِنْغ غُونْغ -Zeng Gong»، وقدْ رأى «أُويَانْغ -Ouyang» ضرورةَ أنْ تكونَ الأعمالُ النَّثريَّةُ مصقولةً فِي جوهرِها، وسهلةَ القراءةِ، وسَلِسةً فِي لغتِها.
كتَبَ «أُويَانْغ -Ouyang» على مدارِ حياتِهِ كلِّها مَا يزيدُ علَى 500 مقطوعةٍ نثريَّةٍ، تنوَّعتْ مَا بينَ مقطوعاتٍ جَدَليَّةٍ، وسرديَّةٍ، وتصويريَّةٍ، ووصفيَّةٍ، وغنائيَّةٍ، وجميعُها موجزةٌ سهلةٌ ومثيرةٌ للمشاعرِ بدرجةٍ كبيرةٍ. ومِنْ بينِ أعمالِه النَّثريَّةِ الأكثرِ شهرةً: رسالةٌ إلَى «غَاو سِيجِيَان -Gao Sijian»، وروايةُ منزلِ المدمنِ العجوزِ، وقصيدةُ صوتِ الخريفِ الغنائيَّةُ، الَّتي كُتِب لهَا البقاءُ حتَّى الآنَ. أمَّا بالنِّسبةِ لكتابةِ الشِّعرِ، فقدْ كانَ كلٌّ منْ «لِي بَاي -Li Bai» و«هَان يُو -Han Yu» مؤثِّرَيْنِ بشكلٍ خاصٍّ فِي حركةِ التَّطويرِ الَّتي تزعَّمَها «أُويَانْغ -Ouyang»، وتتنوَّعُ قصائدُ «أُويَانْغ -Ouyang» بدرجةٍ كبيرةٍ مِنْ حيثُ الأسلوبُ والجرأةُ والأناقةُ والتَّشاؤمُ والتَّوقُّفُ، أوِ الإفراطُ فِي استحسانِ أسلوبِ النَّثرِ. ومِنْ ضمنِ قصائدِه، تلكَ القصائدُ الَّتي تمتازُ بالأفضليَّةِ البالغةِ والبروزِ الفائقِ، وتصفُ نمطَ الحياةِ الرَّعويَّةِ بينَ الجبالِ والأنهارِ، بالإضافةِ إلَى تعبيرِها عنْ مشاعرِهِ الخاصَّةِ. وبالإضافةِ إلَى ذلكَ، فقدْ تعدَّدَتْ مواهبُه الَّتي كانتْ تشملُ أيضاً كتابةَ شعرِ تسِي، والكلاسيكيَّاتِ الكُونفُوشيُوسِيَّةَ والتَّأريخَ والخطَّ. ولأنَّه يتميَّزُ بالابتكارِ، اكتسبَ أسلوبُهُ فِي الكتابةِ أهمِّيَّةً وشهرةً واسعةً، وأثَّرَ كثيراً في بعضِ علماءِ أُسرِ «يُوَان -Yuan» و«مِينْغ -Ming» و«تشِينْغ -Qing»، إضافةً إلى أُسرةِ «سُونْغ -Song».