الأُمَّةُ الصِّينِيَّةُChinese Nation

يُطلقُ مصطلحُ الأمَّةِ الصِّينيَّةِ علَى 65 مجموعةً عِرقيَّةً مُوزَّعةً في المناطقِ الرَّئيسةِ مِنَ البلادِ، «وهُونْغ كُونْغ -Hong Kong»، ومناطقِ الإدارةِ الخاصَّةِ في «مَاكَاو -Macau»، ومقاطعةِ تايوان الصِّينيَّةِ، ويبلغ عددُ سكَّان الصين: 1,370,537,000 (بحسبِ تعدادِ 2010م) بمَا يُعادِلُ حواليْ خُمسِ سكَّانِ العالم. وترتبطُ عبارةُ الصِّينِ بمفهومِ الدَّولةِ المركزيَّةِ والأرضِ وكذَلك بسكُّانِ «هَانَ -Han» المحلِّيِّينَ في العصرِ القديمِ، وكانَ يُطلقُ على ذلِكَ في مجملِه «الأُمَّةُ الصِّينيَّةُ» في العصرِ الحديثِ، نتيجةً للوعيِ القوميِّ الحديثِ للشَّعبِ الصِّينيِّ وتأثُّرِهِم بالعالَمِ، وفهمِ الذَّاتِ، وحمايةِ الأمَّةِ مِنَ الإخضاعِ بعدَ عامِ 1940م، عندَما بدأتِ الصِّينُ تُعانِي مِنَ الغزوِ الاستعماريِّ والتَّقسيمِ.

وفي أعقابِ حربِ «سِينُو -Sino» اليابانيَّةِ (في الأوَّلِ مِنْ أغسطسَ/آب 1894م - السَّابعَ عشرَ مِنْ أبريل/نيسان عام 1895م) واجهَ المجتمعُ الصِّينيُّ موقفاً محفوفاً بالمخاطر، ففِي أواخرِ عهدِ أسرةِ «تِشينغ -Qing» قَبِلَ مجموعةٌ مِنَ المفكِّرِينَ، بُغيةَ حمايةِ الأمَّةِ مِنَ الإخضاعِ ولضمانِ بقائِها، الأخذَ بمبادئِ الفكرِ القوميِّ الغربيِّ الحديثِ فأخذُوا يرعونَ مبدأً سياسيّاً لتأسيسِ دولةٍ وشعبٍ حديثَيْنِ. وقدْ نشأتْ في المجتمعِ الصِّينيِّ ثُنائيَّةٌ فكريَّةٌ عندَ الأخذِ بتلكَ المبادئِ الغربيَّةِ الحديثةِ نتيجةَ تأثُّرِ المجتمعِ بالفلسفةِ الدَّاروينيَّةِ الغربيَّةِ، وتلَا ذلِكَ تأثُّرُه أيضاً بتاريخِ الإمبراطورِ الأصفرِ عنْ طريقِ الوعيِ بأهمِّيَّةِ صلةِ القرابةِ (العصبةِ). وعلَى النَّقيضِ، تأثَّرَ بالحفاظِ على التَّعليمِ التَّاريخِ الكُونْفُوشيُوسيِّ، الأمرُ الَّذي سبَّبَ نشأةً ازدواجيَّةً حديثةً عندَ الأخذِ بتلكَ المبادئِ الغربيَّةِ، فقدِ اعتمدَ أحدُهُما علَى العشيرةِ ذاتِها «الهَانِيُّون -Hans» واهتمَّ الآخرُ بثقافةِ العشيرةِ الكُونْفُوشيوسيَّةِ. وقدِ اتسَّمتْ توجُّهاتُهم السِّياسيَّةُ بالإقصاءِ مِنَ الأسرةِ الَّتي حكمَها «مَانْتشُو -Manchu»، وبالاقتصارِ على جمهوريَّةِ المجموعاتِ العِرقيَّةِ الخمسِ، وهذَا يعنِي أنَّ الأمَّةَ الصِّينيَّةَ كمَا اقترحَها «لِيَانْغ تشِيتِشِيَاوْ -Liang Qichao» في 1903م، لتأسيسِ أمَّةٍ عظيمةٍ تشكِّلُ معاً المجموعاتِ العِرقيَّةَ الآتيَةَ: «مَانْتشُو -Manchu» و«المَنْغُولِيَّةَ -Mongolian» و«هُوِي -Hui» و«مِيَاو -Miao» و«التِّبتيِّينَ -Tibetan». وبعدَ ثورةِ 1911م ظلَّتْ أفكارُ هذَيْنِ الاتِّجاهَيْنِ تصبغُ أواخرَ عهدِ أسرةِ «تشينغ -Qing» بصبغتِهِ القوميَّةِ، فأثَّرَ في قادةِ الثَّورةِ الرَّأسماليَّةِ تأثيراً عميقاً، ليشملَ «سُون يَاتْ سِين -Sun Yat sen». فقامَ هؤلاءِ القادةُ بإعلاءِ مفهومِ جماعةِ العشيرةِ العِرقيَّةِ الأُسريَّةِ (الأُمَّةِ)، أو قامُوا بإعلاءِ الفكرةِ القائلةِ بأنَّ الفوارقَ داخلَ المجموعاتِ العِرقيَّةِ المُختلِفةِ هيَ بالأساسِ دينيَّةٌ وجغرافيَّةٌ وليستْ بحسبِ العشائرِ أوِ العصبةِ. ولذَا نجدُ أنَّ التَّطوُّرَ الدَّاخليَّ للأُمَّةِ الصِّينيَّةِ والأقلِّيَّاتِ العِرقيَّةِ الظَّاهريَّةِ أخذَ شكلاً مُعيَّناً ليصبحَ في النِّهايَّة أغلبيَّةً صينيَّةً، وأصبح سكَّانُ الشَّريطِ الحدوديِّ أقلِّيَّاتٍ، إلى الحدِّ الَّذي تميَّزتْ معَهُ الأُمَّةُ الصِّينيَّةُ مِنَ الأقلِّيَّاتِ العِرقيَّةِ.

وإبَّانَ اندلاعِ الحربِ ضدَّ اليابانيِّينَ، ومعَ تأسيسِ الحزبِ الشُّيوعيِّ الصِّينيِّ للجبهةِ الوطنيَّةِ المُتَّحِدةِ ضدَّ اليَابَانِ، تعلَّمَ الشَّعبُ الصِّينيُّ عموماً السِّياقَ التَّاريخيَّ والواقعيَّ لبلدٍ مُتعدِّدِ الأعراقِ بطريقةٍ علميَّةٍ.

وانطلاقاً من تبنِّيه وجهةَ النَّظرِ الماركسيَّةَ في الفكرِ القوميِّ وموقفِ الماديَّةِ التَّاريخيَّةِ، قامَ «مَاوْ تسِي تُونْغ -Mao Zedong»، وهوَ أحدُ مُؤسِّسِي الصِّينِ الحديثةِ، بالتَّأسيسِ لفكرِ التَّكامُلِ القوميِّ لكلِّ المجموعاتِ العِرقيَّةِ الصِّينيَّةِ وكذَا لفكرِ بِنائِهم المشتركِ للجمهوريَّةِ الصِّينيَّةِ. واعتماداً علَى تلكَ الأفكارِ، قامَ الحزبُ الشُّيوعيُّ الصِّينيُّ بوضعِ هذا التَّعريفِ العلميِّ: الصِّينُ دولةٌ متعدِّدةُ الأعراقِ، وتُمثِّلُ الأُمَّةُ الصِّينيَّةُ كلَّ المجموعاتِ العِرقيَّةِ داخلَ البلادِ، كمَا يُمثِّلُ المجتمعُ الصِّينيُّ الوطنَ الأُمَّ المشتركَ لكلِّ الشَّعبِ الصِّينيِّ البالغِ 450 مليونَ نسمةٍ، ويتشاركُ الجميع بالحياةِ، والموتِ، والمصالحِ، والأخطارِ. وعقِبَ تأسيسِ جمهوريَّةِ الصِّينِ الشَّعبيَّةِ عامَ 1949م أصبحتِ الأُمَّةُ الصِّينيَّةُ الاسمَ العامَّ لكلِّ المجموعاتِ العِرقيَّةِ في البلادِ. ومِنْ ثَمَّ كانَ دستورُ الأُمَّةِ عمليَّةً تكامُليَّةً ترتكزُ إلى المصالحِ الكبرَى لكلِّ المجموعاتِ العِرقيَّةِ البالغةِ 56 مجموعةً، وذلِكَ بالنَّظرِ إلى التَّاريخِ العميقِ المشترَكِ والزَّخمِ الواقعيِّ القويِّ الناشئِ عنِ التَّفاعلِ الثَّقافيِّ والاقتصاديِّ والسِّياسيِّ داخلَ هذِه المجموعاتِ العِرقيَّةِ، وتعايشِهِم السِّلميِّ جنباً إلى جنبٍ، واستقلالِهِم الدَّاخليِّ، وتطوُّرِهِم المُشترَكِ.