أَكَادِيمِيَّةُ التَّعْلِيمِ الكِلَاسِيكِيِّ Academy of Classical Learning

منظَّمةٌ تعليميَّةٌ خاصَّةٌ، ومعهَدٌ بحثيٌّ أكاديميٌّ يعودُ تاريخُه للصِّينِ القديمةِ، وتَنتمي هذه الأكاديميَّةُ إلى مجموعةٍ مِنَ المعاهدِ الَّتي تقدِّمُ تعليماً عالياً لطُلَّابِها، وكانتْ تُعدُّ مُلكيَّةً خاصَّةً لِمَنْ أسَّسَها.

يُشرفُ على الأكاديميَّةِ علماءٌ ذائعُو الصِّيتِ، وقد ظهَرتْ إلى الوجودِ خلالَ حكمِ أُسْرةِ «تَانْغ -Tang»، وبلغتْ أوجَها خلالَ فترةِ حكمِ أُسْرَةِ «سُونْغ -Song»، وأَفَلَ نجمُها خلالَ حكمِ أُسرةِ «تشِينْغ -Qing»، وخلالَ مُدَّةِ وجودِها -الَّتي تزيدُ على ألفِ عامٍ مِنَ الزَّمنِ- أدَّتْ هذه الأكاديميَّةُ دوراً مهمِّاً فيمَا يتعلَّقُ بتطويرِ التَّعليمِ والثَّقافةِ في المجتمعِ الإقطاعيِّ في الصِّينِ، وبدايةً مِنْ أواخرِ عهدِ أُسرةِ «تَانْغ -Tang» إلى فترةِ الأُسَرِ الخمسِ، شهدتِ الصِّينُ اندلاعَ حروبٍ وصراعاتٍ مُتتالِيةٍ أدَّتْ إلى انحدارِ التَّعليمِ الرَّسميِّ في البلادِ، دفعَتْ هذه الظُّروفُ الكثيرَ مِنَ المُثقَّفينَ إلى الفرارِ نحو الجبالِ، حيثُ أسَّسوا هناكَ نوعاً مِنَ الأكاديميَّاتِ يَنتهجُ نمطَ الدَّعوةِ البُوذيَّةِ، واضعِينَ بذلكَ قواعدَ المُؤسَّسةِ الخاصَّةِ للمُجتمَعِ الإقطاعيِّ في الصِّينِ، وخلالَ فترةِ حُكمِ أُسرةِ «سُونْغَ -Song» في الشَّمالِ زاد عددُ الأكاديميَّاتِ الَّتي اتَّخذتْ مِن إعطاءِ المحاضَراتِ نهجاً لها، في حينِ شهدَتْ فترةُ حُكمِ الأُسرةِ نفسِها في الجنوبِ بَدْءَ الأكاديميَّاتِ التَّعليميَّةِ هناك في التَّنظيمِ التَّدريجيِّ لأنشطتِها التَّعليميَّةِ مِن قِبَلِ هذه المدارسِ، الَّتي واكبتْ تطوُّرَ الكُونفُوشْيُوسيَّةِ الجديدةِ.

شهدَتْ فترةُ حُكمِ أُسرةِ «سُونْغ -Song» وجودَ أربعِ أكاديميَّاتٍ كانت لها الصَّدارةُ والرِّيادةُ، وهي: أكاديميَّةُ كهفِ الأَيْلِ الأبيضِ في جبالِ «لُوشَان -Lushan» في مُقاطعةِ «جِيَانْغِشِي -Jiangxi»، وأكاديميَّةُ «يُولُو -Yuelu» في مدينةِ «تَشَانْغِشَا -Changsha» عاصمةِ مُقاطَعةِ «خُونَان -Hunan»، وأكاديميَّةُ «يِنْغتِيَانْفُو -Yingtianfu» في مدينةِ «شَانْغكِيُو -Shangqiu» في مُقاطَعةِ «خِنَان -Henan»، وأكاديميَّةُ «سُونْغ يَانْغ -Songyang» في مدينةِ «دِنْغِفِنْغَ -Dengfeng» في مُقاطَعةِ «خِنَان -Henan». في عهدِ أُسرةِ «مِينْغَ -Ming» زادَ عددُ الأكاديميَّاتِ ليربُو على 1,200، بعضُها أسَّستْهُ الدَّولةُ، وقد شجَّعَتْ بعضُ الأكاديميَّاتِ الخاصَّةِ -وتُعدُّ أكاديميَّةُ «دُونْغِلِين -Donglin» في مدينةِ «وُوشِي -Wuxi» في مُقاطَعةِ «جِيَانْغُسُو -Jiangsu» أشهرَها على الإطلاقِ- على نظامِ المُحاضراتِ الحُرَّةِ المُتعدِّدةِ، كما سمحَتْ بانتقادِ الأحداثِ الاجتماعيَّةِ الَّتي كانتْ جاريةً آنذاك، ومِنْ ثَمَّ غدتْ هذه الأكاديميَّاتُ مراكزَ لإبداءِ الرَّأي فيما يتعلَّقُ بالقضايا العامَّةِ والأنشطةِ السِّياسيَّةِ، وقدْ حاولَتِ الطَّبقةُ الحاكِمةُ مِن أُسرةِ «مِينْغ -Ming» القضاءَ على أكاديميَّةِ «دُونْغِلِين -Donglin» أربعَ مرَّاتٍ، بَيْدَ أنَّ كلَّ مُحاولاتِها باءَتْ بالفشلِ، وتمكَّنتِ الأكاديميَّةُ مِنَ البقاءِ جرَّاءَ مُثابرتِها وجَلَدِها، فعلى الرَّغمِ مِنَ القَمعِ السِّياسيِّ الوحشيِّ الَّذي لاقَوْهُ إلَّا أنَّ مُعلِّمِي الأكاديميَّةِ وطُلَّابَها لمْ تبْدُ منهم أيَّةُ بادِرةِ استسلامٍ على الإطلاقِ، وقدْ كُتِبَ على بوَّابةِ الأكاديميَّةِ بيتَانِ مِنَ الشِّعرِ: «أصواتُ الرِّيحِ والمَطرِ والقراءةِ مُمتِعةٌ للأُذُنِ، وأحوالُ الأُسرةِ والدَّولةِ والعالَمِ تبقى طويلاً في عقلِي». وخلالَ فترةِ حُكْمِ أُسرَةِ «تشِينْغ -Qing» زاد عددُ الأكاديميَّاتِ ليربوَ على الأَلْفَيْنِ. أمَّا فيما يتعلَّقُ بتَقنينِ هذه الأكاديميَّاتِ والاعترافِ بها رسميّاً، فوَصلَ إلى حدِّ أنَّ السَّوادَ الأعظمَ منها كان يعملُ في الغالبِ الأعمِّ كنظائرِهِ الحكوميَّةِ التَّابعةِ للدَّولةِ، وفي عامِ 1910م -العامِ السَّابعِ والعشرينَ مِن فترةِ حُكمِ الإمبراطورِ «غُوَانْغسُو -Guangxu»- أعلنتِ الدَّولةُ رسميَّاً تحويلَ جميعِ الأكاديميَّاتِ العاملةِ على مستوَى المُقاطَعاتِ إلى «جامعاتٍ/كُلِّيَّاتٍ»، وتحويلَ جميعِ الأكاديميَّاتِ العاملةِ على مستوَى البلديَّاتِ إلى «مدارسَ مُتوسِّطةٍ»، وتحويلَ جميعِ الأكاديميَّاتِ العاملةِ على المستوَى الرَّيفيِّ إلى «مدارسَ ابتدائيَّةٍ»، مُعلِنةً بذلك أُفُولَ نجمِ نظامِ الأكاديميَّاتِ مِن تاريخِ الصِّينِ في تلكَ الآونةِ.