اقتصَادُ السُّوقِ الاشتراكِيِّ Socialist Market Economy
اقتصاد السُّوق الاشتراكيُّ (SME) نظامٌ اقتصاديٌّ يرتبط بشكلٍ وثيقٍ بالنِّظام الاشتراكيِّ الأساسيِّ، ويعمل فيه السُّوق كأداةٍ أساسيَّةٍ في تخصيص الموارد تحت السَّيطرة الكلِّيَّة للدَّولة، وهو هدف الإصلاح الاقتصاديِّ الصِّينيِّ.
إنَّ اقتصاد السُّوق الاشتراكيَّ (SME) مفهومٌ تجديديٌّ، وبناء مثل هذا الاقتصاد يُمثِّل إنجازاً إبداعيًّا للحزب الشُّيوعيِّ الصِّينيِّ (CPC) وبيانَ جهوده لبناء الدَّولة الاشتراكيَّة ذات الخصائص الصِّينيَّة، وقد أوضح المجلس الوطنيُّ الرابعَ عشرَ للحزب الشُّيوعيِّ الصِّينيِّ المنعقد عام 1992م، أنَّ هدف اقتصاد السُّوق الاشتراكيِّ هو السَّماح للسُّوق -تحت السَّيطرة الكلِّيَّة للدَّولة- أن يلعب دوراً أساسيًّا في تخصيص الموارد، وإخضاع الأنشطة الاقتصاديَّة لقانون القيمة، وأن يجعل السُّوق يستجيب للعلاقات المتغيِّرة بين العرض والطلب. وعليه، يجب استخدام التَّسعير والمنافسة لتوزيع الموارد على المؤسَّسات الَّتي تجني عوائد اقتصاديَّةً جيِّدةً. وبهذه الطَّريقة، يكون لدى تلك المؤسَّسات الحافزُ لتحسين أدائها، وبالتَّالي سيزدهر صاحب الكفاءة، فيما سيضمحلُّ مُنعدِم الكفاءة ويتلاشى.
ونظراً لحساسيَّة السُّوق وفق تغيُّرات الطَّلب، يمكن إدخال تعديلاتٍ على الإنتاج في الوقت المناسب عند الضَّرورة لذلك. وفي الوقت ذاته، ينبغي تعزيز السَّيطرة الكلِّيَّة للدَّولة وتطويرها، حيث إنَّ للسُّوق نقاط ضعفه وجوانبه السَّلبيَّة كذلك.
وقد شدَّد المجلس الوطنيُّ الرَّابعَ عشرَ للحزب الشُّيوعيِّ الصِّينيِّ أيضاً على بذل الجهود لتطوير وتنمية سوقٍ وطنيٍّ موحَّدٍ والسَّماح للسُّوق بِلعب دورٍ أكثر أهمِّيَّةً. إضافةً إلى ذلك، يجب تطبيق السِّياسات الاقتصاديَّة والقوانين واللَّوائح، والتَّخطيط والتَّوجيه، والجهود الإداريَّة اللَّازمة بشكلٍ صحيحٍ حتَّى يستمرَّ السُّوق على الطَّريق الصَّحيح.
ولِقرابة ثلاثة عقودٍ، منذ أن قرَّر المجلس الوطنيُّ الرَّابعَ عشرَ للحزب الشُّيوعيِّ الصِّينيِّ عام 1992م أنَّ هدف الإصلاح الاقتصاديِّ الصِّينيِّ هو: بناء اقتصاد السُّوق الاشتراكيِّ، تبلوَر شكل اقتصاد هذا السُّوق، على الرَّغم من استمرار وجود بعض التِّحدِّيات، مثل: التَّنظيم الضَّعيف، وتوقُّف نموِّ سوق عوامل الإنتاج، ونقص أو ضعف التَّرابط التَّنظيميِّ وعدم كفاية المنافسة، ثمَّ طُرِحَت إجراءاتٌ جديدةٌ في "التَّقرير" المقدَّم إلى "المجلس الوطنيِّ التَّاسعَ عشرَ للحزب الشُّيوعيِّ الصِّينيِّ"، المنعقِد عام 2017م، من أجل تسريع تحسين اقتصاد السُّوق الاشتراكيِّ. أكَّد التَّقرير أنَّ الإصلاحات الاقتصاديَّة يجب أن تركِّز على: تحسين نظام حقوق الملكيَّة، وضمان تخصيص عوامل الإنتاج طبقاً لقواعد السُّوق. وحتَّى تعمل حقوق الملكيَّة كحوافز فعَّالةٍ، ستُتَّخَذ إجراءاتٌ لضمان التَّدفُّق الحرِّ للعوامل، والأسعار المرنة، والمنافسة الحرَّة المنظَّمة، واعتماد بقاء المشروعات ونجاحها على المنافسة.
كذلك، أكَّد "القرار" ضرورة اتِّخاذ إجراءاتٍ لتحسين أنظمة إدارة الأنواع المختلفة من أصول الدَّولة، وإصلاح نظام التَّصريح بتشغيل رأس مال الدَّولة. وعليه، يجب أن يزيد القطاع المملوك للدَّولة من تحسين التَّوزيع، والتَّعديل والضَّبط الهيكليّ، وإعادة التَّنظيم الاستراتيجيّ، ويجب العملُ على ضمان الحفاظ على قيمة أصول الدَّولة وزيادة قيمتها، ودعم رأس مال الدَّولة في أن يصبح أقوى ويعمل بشكلٍ أفضل، وزيادة حجمه واتِّخاذ تدابير فاعلةٍ لمنع فِقدان أصول الدَّولة.
من ناحيةٍ أخرى، يجب تعزيز إصلاح المؤسَّسات المملوكة للدَّولة، وتطوير الهيئات الاقتصاديَّة ذات الملكيَّة المختلِطة، وتهدف الجهود لتحويل المؤسَّسات الصِّينيَّة إلى مؤسَّساتٍ على الطِّراز العالميِّ تعتمد على التَّنافُسيَّة على الصعيد العالميِّ، وستُعَدُّ قائمةٌ سلبيَّةٌ لدخول السُّوق على المستوى الوطنيِّ، كما ستُراجَع اللَّوائح والممارسات وتُلغى تلك الَّتي تعوق تطوير سوقٍ موحَّدةٍ ومنافسةٍ عادلةٍ، وستُتَّخذ إجراءاتٌ خاصَّةٌ لدعم نموِّ المشروعات التِّجاريَّة الخاصَّة والمساعدة على تحفيز حيويَّة الكيانات المختلفة داخل السُّوق.
كذلك، يجب تعميق الإصلاحات في قطاع الأعمال لكسر الاحتكار، ومنع تكوين احتكارات السُّوق، وتسريع إصلاح تسعير عوامل الإنتاج طبقاً للسُّوق، وتخفيف إجراءات الرَّقابة على دخول السُّوق في قطاع الخدمات، وتحسين آليَّات الرِّقابة على السُّوق، مع تطوير وسائل جديدةٍ للتَّنظيم الكلِّيِّ، وإفساح المجال كاملاً أمام التَّوجيهات الاستراتيجيَّة لخطط التَّنمية الوطنيَّة، وتحسين آليَّات التَّنسيق الضَّريبيِّ النَّقديِّ والصِّناعيِّ والإقليميِّ والسِّياسات الاقتصاديَّة الأخرى، واتِّخاذ إجراءاتٍ لتحسين أنظمة وآليَّات تحفيز وتنشيط إنفاق المستهلك، والاستفادة من الدَّور الأساسيِّ للاستهلاك في تعزيز النُّموِّ الاقتصاديِّ، ويجب تعميق نظام الاستثمار والتَّمويل لتمكين الاستثمار من لعب الدَّور الحاسم في تحسين هيكل الإمداد، والإسراع في إنشاء نظامٍ ماليٍّ عامٍّ حديثٍ، مع تأسيس علاقةٍ ماليَّةٍ بين الحكومة المركزيَّة والحكومات المحلِّيَّة تقوم على سلطاتٍ ومسؤوليَّاتٍ محدَّدةٍ بمنتهى الوضوح، وتخصيصٍ مناسبٍ للموارد الماليَّة، وتوازنٍ أكبر بين الأقاليم، ويجب وضع نظامِ موازنةٍ شاملٍ وقائمٍ على الإجراءات وشفَّافٍ يستخدم معاييرَ جيِّدةَ التَّصميم ويفرض قيوداً فعَّالةً، بهدف تطبيق الإدارة بالأداء على مستوى الدَّولة، مع مواصلة المزيد من الإصلاح الضَّريبيِّ، وتحسين الأنظمة الضَّريبيَّة المحلِّيَّة، وتعميق الإصلاح المؤسَّسيِّ في القطاع الماليِّ وبذلك نخدم الاقتصاد الحقيقيَّ بشكلٍ أفضل، وتشمل الأهداف الأخرى للإصلاح: زيادة نسبة التَّمويل المباشر، وتعزيز التَّنمية الصِّحِّيَّة لسوق رؤوس الأموال متعدِّدة المستويات، وتحسين الإطار التَّنظيميِّ الدَّاعم للسِّياسة النَّقديَّة والسِّياسات الاحترازيَّة الكلِّيَّة، ممَّا يُسهِّل أن تصبح أسعار الفائدة وأسعار الصَّرف أكثر توجُّهاً نحو السُّوق. أمَّا الهدف الأساسيّ من كلّ هذه الإجراءات، فهو: تحسين التَّنظيم الحاليِّ لتفادي المخاطر الماليَّة الأساسيَّة والمنهجيَّة.