أَسَاطِيرُ عَجِيبَةٌ مِنَ المَرسَمِ الصِّينِيِّ Strange Tales from a Chinese Studio
مجموعةٌ مِنَ الأساطيرِ تتألَّفُ منْ قُرابةِ 500 أسطورةٍ خارقةٍ كتبَهَا «بُــو سُونْغلِينْغ -Pu Songling» باللُّغةِ الصِّينيَّةِ الكلاسيكيَّةِ فِي بدايةِ عهدِ أســرةِ «تشِينْغ -Qing»، وتتباينُ مصادرُ تلكَ الخرافاتِ تبايُناً كبيراً، فقد استوحَى المؤلِّفُ بعضَهَا من خلالِ المُلاحظةِ والتَّجْربةِ، واستقَى البعضَ الآخرَ مِــنَ الأساطيرِ القديمةِ أوِ الشَّعبيَّةِ، وابتكرَ البقيَّةَ منْ وحَيِ الخيالِ.
وقدْ أُعيدَتْ صياغةُ تلكَ الأساطيرِ وإثراؤُهَا وتَنْميقُها بأفكارٍ تَقَدُّميَّةٍ وأسلوبٍ فريدٍ، ولأنَّهَا تتميَّزُ بخُصوبةِ الخَيالِ وروعةِ الفكرةِ وإثارةِ الحَبْكةِ وجاذبيَّةِ موقعِ الأحداثِ، لذلك تجمعُ بينَ السِّيرةِ التَّاريخيَّةِ والخُرافاتِ المُثيرةِ، وينتهِي أكثرُ منْ 190 أسطورةً منْ بينِهَا بتعليقاتِ المؤلِّفِ.
أمَّا منْ حيثُ النَّوعِ، فيُمكنُ تصنيفُ معظمِ هذِه الأساطيرِ ضِمْنَ نَوْعِ القصَّةِ القصيرةِ، بالرُّغمِ منْ وجودِ بعضِ القصصِ أوِ الملاحظاتِ الموجزةِ الَّتي تُسجِّلُ مَا سمعَهُ المؤلِّفُ وعاينَه فِي حياتِهِ.
وقدِ اقتبسَ «بُو سُونْغلِينْغ -Pu Songling» بعضَ أفكارِهِ مِنْ تقاليدِ سردِ القِصصِ الشَّفويَّةِ الَّتي تختفِي فيهَا الحدودُ بينَ الواقعِ والعالمِ الغريبِ أوِ العجيبِ، وتخلقُ العديدَ مِنَ الشَّخصيَّاتِ الفريدةِ المُفعمةِ بالحيويةِ، الَّتي غالباً مَا تكونُ مِنَ الأشباحِ وجِنِّيَّاتِ الثَّعالبِ والشَّخصيَّاتِ الخالدةِ والشَّياطِين. لكنَّ المؤلِّفَ ركَّزَ علَى الجانبِ الواقعيِّ منْ حياةِ عامَّةِ النَّاسِ، واستخدمَ العديدَ منَ المهاراتِ لوصفِ هذِه الشَّخصيَّاتِ، مثلَ: التَّصويرِ الذِّهْنيِّ أوِ الرَّسمِ التَّفصيليِّ أو تبايُنِ الأجواءِ، بحيثُ تجمعُ الشَّخصيَّاتُ بمثاليَّةٍ بينَ صفاتِ الإنسانِ وملامحِ تلكَ الأشباحِ أوِ الثَّعالبِ من خلالِ الكشفِ عنْ طبيعتِهِم الخاصَّةِ وعرضِهَا علَى طبيعةِ الإنسانِ.
ويتميَّزُ الكتابُ بحَبكتِهِ المُثيرةِ المُلتويةِ، وروعةِ الوصفِ الحقيقيِّ أو المُتخيَّلِ، ودقَّةِ التَّصوُّرِ، وجموحِ الخيالِ، وخلقِ عوالمَ رائعةٍ وجذَّابةٍ، كمَا تتميَّزُ مجموعةُ الأساطيرِ بأساليبِ التَّعبيرِ المُنمَّقةِ المُفعمةِ بالحيويةِ.
وإلَى جانبِ إبداعِ المؤلِّفِ فِي استخدامِ التَّعْبيراتِ الأدبيَّةِ القديمةِ، فقدْ صقلَ أعمالَه ودمجَ فيهَا العديدَ مِنَ اللَّهَجاتِ والأقوالِ الشَّائعةِ، وبالتَّالِي فإنَّ لغةَ كلِّ شخصيَّةٍ منَ الشَّخصيَّاتِ فِي الكتابِ تنبضُ بالحياةِ والحماسة، وتُناسبُ الأذواقَ الرَّاقيةَ والشَّعبيَّةَ. وقدْ حظِيت مجموعةُ الأساطيرِ بشعبيَّةٍ واسعةٍ فِي ذلكَ الوقتِ، وتركت أثراً كبيراً في القِصصِ القصيرةِ الكلاسيكيَّةِ الصِّينيَّةِ اللَّاحقةِ.