المُقَدِّمَةُ

المُقَدِّمَةُIntroduction

موسوعةُ الصِّينِ موسوعةٌ شاملةٌ مُزوَّدةٌ بالصُّورِ والشُّروحِ، تَعْرِضُ على نحوٍ مُمنهَجٍ لدولةِ الصِّينِ قديماً وحديثاً.

يتألَّفُ العالَمُ المُعاصرُ اليومَ مِنْ دُولٍ مستقِلَّةٍ تجمعُ بينها أواصرُ العَلاقاتِ، ولكلٍّ منها سياستُها واقتصادُها وثقافتُها الفريدةُ الَّتي تتميَّزُ بها عن غيرِها. ترتبطُ هذه الدُّولُ ببعضها ارتباطاً وثيقاً، وعليهِ فإنَّ أيَّ تغيُّرٍ طفيفٍ في إحدى الدُّولِ مِن شأنِه أن يُؤثِّرَ في العالَمِ كلِّه على نحوٍ يعكسُ النَّمطَ العالَميَّ الحاليَّ، ولأَنَّ الإنسانَ كائنٌ اجتماعيٌّ، لذلكَ لا ينفصلُ تطوُّرُه عن المجتمعِ الَّذي يحيا فيه، ومِن ثَمَّ فإنَّ التَّطوُّرَ الَّذي يشهدُه بلدٌ ما لا يتأتَّى مِن فراغٍ. على مدارِ التَّاريخِ، طوَّرَ كلُّ بلدٍ مِن ثقافتِه ومعرفتِه الخاصَّةِ بِه والمميِّزةِ له، والجديرةِ بأنْ تُعنَى الدُّولُ الأُخرى بدراستِها، والحقُّ أنَّ الصِّينَ واحدةٌ مِنَ الحضاراتِ الأربعِ الضَّاربةِ في القِدَمِ في العالَمِ، فهي ذاتُ تاريخٍ عريقٍ وحضارةٍ ذائعةِ الصِّيتِ، إضافةً إلى أنَّها كانت مركزاً للحضارةِ الإنسانيَّةِ والعلومِ لقرونٍ مِن الزَّمنِ. إنَّ هدفَنا من نشرِ هذا الكتابِ هو مساعدةُ القارئِ في أنْ يكتسبَ المعلوماتِ عن حضارةِ الصِّينِ المجيدةِ الَّتي ظلَّتْ قائمةً لآلافِ السِّنينَ مِن التَّاريخِ، وأنْ يحوزَ المعرفةَ الشَّاملةَ والمتعمِّقةَ في الصِّينِ المعاصرةِ. ونأمل أن يجد القارئُ في هذا الكتاب معلوماتٍ أكثرَ موثوقيَّةً وفَائدةً وعُمقاً عن البلادِ، وعليه، فإنَّنا قد حاوَلْنا جُهدَنا أنْ نستخدمَ لغةً بسيطةً ومفهومةً مِن أجلِ عرضِ التَّاريخِ الطَّويلِ لهذا البلدِ، وحضارتِها الزَّاهرةِ وعاداتِها الفريدةِ، ناهيكَ عن التَّأكُّدِ مِن دقَّةِ المعلوماتِ المقدَّمَةِ في هذه الموسوعةِ.

الصِّينُ دولةٌ ناميةٌ ذاتُ اقتصادٍ سريعِ النُّموِّ، وقوَّةٍ وطنيَّةٍ متزايدةٍ وتأثيرٍ مُتعاظِمٍ، ومِن ثَمَّ فإنَّ المجتمعَ الدُّوليَّ يُولي الصِّينَ اليومَ أهمِّيَّةً لم تحظَ بها في أيَّةِ حِقبَةٍ زمنيَّةٍ على مرِّ تاريخِها.

تُركِّزُ الموسوعةُ على دولةِ الصِّينِ، وتختارُ بعنايةٍ المداخلَ الَّتي مِن شأنِها تمثيلُ العناصرِ الصِّينيَّةِ وجوهرِ تلكَ الحضارةِ الَّتي ميَّزتْ هذا البلدَ، إذْ تُغطِّي هذه الموسوعةُ موضوعاتِ: التَّاريخِ، والجُغرافيا، والفلسفةِ، والدِّينِ، والسُّكَّانِ، والمجتمعِ، والسِّياسةِ والقانونِ، والشُّؤونِ العسكريَّةِ، والاقتصادِ، والفنِّ والأدبِ، والثَّقافةِ والتَّعليمِ، والعلومِ الطَّبيعيَّةِ، والتِّكنولوجيا الهندسيَّةِ في البلادِ، مع التَّركيزِ على التَّطوُّرِ الَّذي شَهدَتْهُ البلادُ في جميعِ المناحي بَدْءاً من حربِ الأَفْيُونِ الَّتي اندَلعَتْ في عام 1840م، ولا سيَّما هذا التَّطوُّرَ الَّذي أحدثَتْه منذُ تأسيسِ «جمهوريَّةِ الصِّينِ الشَّعبيَّةِ -The People’s Republic of China» في عام 1949م. وعلاوةً على هذا كُلِّه، تتطرَّقُ هذه الموسوعةُ بعُمقٍ إلى الموضوعاتِ والمواقفِ والشَّخصيَّاتِ الجديدةِ الآخِذةِ في التَّطوُّرِ منذُ فجرِ القرنِ الواحدِ والعشرينَ.

يتألَّفُ هذا الكتابُ مِن مقالٍ تقديميٍّ ومداخلَ وصُورٍ تكميليَّةٍ مساعِدةٍ، إذْ تحوي في المُجمَلِ 1,020 مدخلاً مرتَّباً ترتيباً هِجائيّاً لتسهيل البحثِ على القارئِ، كما أنَّها تشملُ ما يَربُو على 1,000 رسمٍ توضيحيٍّ بينَ المداخلِ، أمَّا فيما يتعلَّقُ بالمُلحَقِ، فإنَّه يشتملُ على التَّسلسُلِ الزَّمنيِّ للتَّاريخِ الصِّينيِّ، وهو مرتَّبٌ هجائيّاً وِفْقَ تَسلسُلِ المداخلِ.

تُعدُّ المداخلُ الطَّريقةَ الرَّئيسةَ لعرضِ المعلوماتِ في هذه الموسوعةِ الَّتي تُعنى بتقديمِ المعلوماتِ الشَّارحةِ للمواضيعِ المُتعلِّقةِ بالبلادِ على نحوٍ مُمَنْهَجٍ بدلاً من عرضِها بطريقةٍ مُجزَّأةٍ. وفيما يتعلَّقُ باختيارِ المداخلِ، بذلَ المُحرِّرونَ جُهدَهم لاختيارِ وانتقاءِ الموضوعاتِ النَّموذجيَّةِ التي يكثر البحثِ عنها، مُتحاشِينَ في الوقتِ ذاتِه الموضوعاتِ شديدةَ التَّخصُّصِ أوْ تلكَ الَّتي نادراً ما يتمُّ البحثُ عنها. كما تمَّ استخدامُ عددٍ كبيرٍ مِنَ الرُّسومِ التَّوضيحيَّةِ والرُّسومِ البيانيَّةِ والبياناتِ لجعلِ المداخل أكثرَ تشويقاً وثراءً على نحوٍ لا يُضاهيها فيه غيرُها مِن الموسوعاتِ بُغيةَ اجتذابِ المزيدِ مِن القُرَّاءِ، ناهيكَ عن العنايةِ القُصوى الَّتي أُولِيَتْ لدِقَّةِ ومُوثوقيَّةِ المراجعِ والبياناتِ الَّتي تمَّ الاعتمادُ عليها.

تتمتَّعُ هذه الموسوعةُ بمُميِّزاتٍ فريدةٍ مِن نوعِها، وهي على النَّحوِ الآتي:

أوَّلاً: هي موسوعةٌ تصبُّ كلَّ تركيزِها على موضوعٍ واحدٍ فقط هو دولةُ الصِّينِ، حيثُ تُزوِّدُ القارئَ بالمعلوماتِ الأكثرِ دقَّةً وموثوقيَّةً حولَ جميعِ مناحي الحياةِ الاجتماعيَّةِ في كُلٍّ مِن الصِّينِ القديمةِ والحديثةِ، كما أنَّها تهدِفُ إلى تقديمِ الإجابةِ عن الأسئلةِ التَّي يطرحها مَنْ لا يعرف الكثيرَ عن هذا البلدِ، مثلُ: ما الَّذي تبدُو عليه دولةُ الصِّينِ؟ ما المُميِّزاتُ الَّتي تتفرَّدُ بها الدَّولةُ عن غيرِها مِن الدُّولِ؟ ما الأحداثُ الهامَّةُ الَّتي شهِدَتْها البلادُ؟ مَنْ هُم عُظماءُ الرِّجالِ في هذا البلدِ؟ والأكثرُ مِن ذلكَ كُلِّه هو معرفةُ ما يجري على أرضِ الصِّين، والعواملِ الَّتي تُؤثِّرُ في اقتصادِ البلادِ ومُجتمعِها... إلخ.

ثانياً: تُسبَقُ جميعُ المداخلِ في هذه الموسوعةِ بمقالٍ تقديميٍّ شاملٍ يعرضُ نُبذةً عامةً وشاملةً ومُتعدِّدةَ المستوياتِ، ومنهجيَّةً عن الصِّينِ تتناولُ ظروفَ البلادِ الطَّبيعيَّةَ وتاريخَها وسياستَها وقانونَها، وأحوالَها العسكريَّةَ، والدِّبلوماسيَّةَ الَّتي تنتهجُها، إضافةً إلى اقتصادِها، مُجسِّدَةً بذلكَ حالةَ الصَّينِ العامةَ على نحوٍ أكثرَ وضوحاً أمامَ القُرَّاءِ.

ثالثاً: الكتابُ مطبوعٌ بالألوانِ ومُزوَّدٌ بالصُّورِ والشُّروحِ، حيثُ تُعضِّدُ المحتوى كمِّيَّةٌ ضخمةٌ من الرُّسومِ التَّوضيحيَّةِ، ما يقدِّمُ للقارئِ تجربةً أكثرَ راحةً.

ومِن أعماقِ قُلوبِنا، نأمُلُ أنْ يغدوَ الكتابُ مرجِعاً قيِّماً للقُرَّاءِ لينهَلُوا منه المعلوماتِ، ويستكشفوا دولةَ الصِّينِ، كما نُرحِّبُ بجميعِ الاقتراحاتِ حتَّى يتسنَّى لنا إدخالُ التَّحسيناتِ على كُلِّ طبعةٍ جديدةٍ من هذه الموسوعةِ.