العِلمُ وَالتِّكْنُولُوجْيَا
العِلمُ وَالتِّكْنُولُوجْيَاScience and Technology
قدَّم الشَّعبُ الصِّينيُّ إسهاماتٍ كبيرةً للعلمِ والتُّكنولوجيا في العالمِ عبْرَ تاريخِه الممتدِّ لـ5,000 عام مِن الحضارةِ. قبلَ القرنِ السَّادسَ عشَر، كانتِ الصِّينُ إحدى أبرزِ الدُّولِ على مستوَى العالمِ في هذِه المجالاتِ، مِن خلالِ (الاختراعاتِ العظيمةِ الأربعةِ): الورقِ والطِّباعةِ والبوصلةِ والبارودِ، فضلاً عنِ الإنجازاتِ المنتظِمةِ الأخرى. غيرَ أنَّه بعدَ القرنِ التَّاسعَ عشرَ تراجعتِ الصِّينُ عن مكانةِ الدُّولِ البارزةِ في هذِه المجالاتِ. وعلى الرَّغمِ مِن أنَّ العديدَ مِن أهلِ الحكمةِ وبُعَدَاءِ النَّظرِ نادَوا بالنَّهضةِ مِن خلالِ العلومِ في تلْك الأوقاتِ، لكنْ تبيَّن أنَّ كلامهم لم يكنْ أكثرَ مِن مجردِ شعاراتٍ طوباويَّةٍ في مجتمَعٍ شِبهِ مُستعمَرٍ وشِبهِ إقطاعيٍّ. قبلَ عام 1949م، كان لدَى الصِّينِ عددٌ قليلٌ ممَّن يُشاركُ في الأبحاثِ العلميَّةِ والتِّكنولوجيَّةِ، وكان هناك فقطْ 30 مركزاً مستقِلّاً للبحوثِ، وقد عمِلَ مُعظمُ العلماءِ الصِّينيِّين في ذلك الوقت في مختبراتٍ أجنبيَّةٍ. وأما أُولئِكَ الذين اختاروا البقاءَ، فقد عملوا في ظروفٍ سيئةٍ، وحقَّقوا نتائجَ قليلةً جدًّا.
وبفضلِ العملِ الشاقِّ مِن قِبلِ عدَّةِ أجيالٍ مِن العلماءِ والمهندسِين منذُ عام 1949م، أدهشتِ الصِّينُ العالمَ بإنجازاتٍ ملحوظةٍ في مجالِ العلمِ والتِّكنولوجيا، ووصلَتْ أو كادتْ تَصِلُ إلى مرتَبَةِ الدُّولِ الرَّائدةِ في بعضِ مجالاتِ التّكنولوجيا الفائقةِ، مثلِ الطَّاقةِ النَّوويَّةِ وتكنولوجيا الفضاءِ وفيزياءِ الطَّاقةِ العاليةِ وعلمِ الأحياءِ وتكنولوجيا العلومِ والاتِّصالاتِ السِّلكيَّةِ واللَّاسلكيَّةِ في الكمبيوترِ. وبينَ 19 فبرايرَ/شباط عام 1960م السابع من أكتوبر/تشرين الأول عام 1982م، أطلقتِ الصِّينُ بنجاحٍ صواريخَ السَّبرِ التَّجريبيَّةَ وحاملاتِ الصواريخِ عابرةِ القاراتِ واحدةً بعد الأخرى، ما أثبتْ ريادتَها للتِّكنولوجيا الصَّاروخيَّةِ فائقةِ الجودةِ. كما استطاعتِ الصِّينُ امتلاكَ قوَّةِ ردعٍ نوويَّةٍ، كما هوَ واضحٌ مِن الاختباراتِ النَّاجحةِ لأوَّلِ قنبلةٍ ذريَّةٍ في 16 أكتوبرَ/تشرين الأول عام 1964م، وأوَّلِ قنبلةٍ هيدروجينيَّةٍ في 17 يونيو/حزيران عام 1967م، وامتلكتْ القذائفَ الباليستيَّةَ النَّوويَّةَ في 27 أكتوبرَ/تشرين الأول عام 1966م، فضلاً عن النَّجاحاتِ اللاَّحقةِ في صناعةِ الصَّواريخِ قصيرةِ المدَى وطويلةِ المدى والصواريخِ العابرةِ للقارَّاتِ. ومنذُ إرسالِ أوَّلِ قمرٍ صناعيٍّ مِن صنعِ الإنسانِ بنجاحٍ إلى الفضاءِ في 24 أبريلَ/نيسان عام 1970م، أطلقتِ الصِّينُ عشراتٍ مِن هذِه الأجهزةِ بما في ذلِك سواتلُ الاستشعارِ وسواتلُ استكشافِ فيزياءِ الفضاءِ، وأقمارُ الاتِّصالاتِ السِّلكيَّةِ واللَّاسلكيَّةِ، وسواتلُ الأرصادِ الجوِّيَّةِ. والصِّينُ الآنَ بلدٌ مِن البلدانِ القليلةِ في العالمِ التي تمتلكُ أحدثَ تكنولوجياتِ استردادِ الأقمارِ الصِّناعيَّةِ وإطلاقِ الأقمارِ الصِّناعيةِ المُتعدِّدةِ وإطلاقِ المدارِ السَّاتِليِّ. هذِه التّكنولوجيَّاتُ الخاصَّةُ بحاملاتِ الصواريخِ الكبرى والأقمارِ الصِّناعيَّةِ قدْ طُبِّقتْ على نطاقٍ واسعٍ في العديدِ مِن المجالاتِ، وأُتيحتْ للخدمةِ التِّجاريَّةِ في بلدانٍ أُخرى. وفي الوقتِ نفسِه، أصبحتِ الجمهوريَّةُ رائدةً في العلومِ البيولوجيَّةِ والهندسةِ الوراثيَّةِ، كما يتَّضحُ ذلِك مِن النَّجاحاتِ الكبرى في توليفِ الأنسولينِ البقريِّ النَّشطِ بيولوجيًّا لأوَّلِ مرَّةٍ في العالمِ في سبتمبرَ/أيلول عام 1965م، وفي تحويل خميرةِ حمضِ ألانين للحمضِ النَّوويِّ الرِّيبوزيِّ في نوفمبرَ/تشرين الثاني عام 1981م، وإنجازِها للمشروعِ الوراثيِّ لمضادَّاتِ الفيروساتِ في عام 1985م. وتشملُ الإنجازاتُ الأخرى ذاتُ الشهرةِ العالميَّةِ زراعةَ الأرزِ الهجينِ التي أسهمتْ إسهاماً كبيراً في الزِّراعةِ العالميَّةِ، وإنشاءَ متسارِعِ بِكِين إلِكْتُرُون- بُوسِيتْرُون كُولِيدِير في عام 1988، ومُسرِّعِ الإشعاعِ السِّنْكِرُوتْرُونِيِّ الخفيِّ في عام 1991م، وتشمل الإنجازاتُ أيضاً تشغيلَ (محطَّةِ تِشِينْشَان للطَّاقةِ النَّوويَّةِ) في العام 1991م، وتطويرَ مفاعلِ «تُوكَامَاك -Tokamak» لشريحةٍ دائريَّةٍ تُسمَّى«HL-1M» في عام 1994م، ونظامَ حوسبةٍ متوازيةٍ واسعةِ النِّطاقِ تُعرفُ باسْمِ (Dawn 1000) في العام 1995م. كما حافظتِ الصِّينُ على موقعِها القياديِّ العالميِّ في دراسةِ المُوَصَّليَّةِ الفائقةِ تحتَ درجاتِ الحرارةِ العاليةِ، وحققتْ ببعضِ الإنجازاتِ عالميَةِ المستوَى في ميادينِ الرِّياضيَّاتِ الحديثةِ والعلومِ الطِّبِّيَّةِ والصِّحَّةِ العامةِ وتكنولوجيا اللَّيزرِ والكيمياءِ وعلومِ الأرضِ والفلكِ. ومنذُ القرنِ الحادِي والعشرِين، حقَّقتِ الصِّينُ إنجازاتٍ بارزةً في العديدِ مِن الميادينِ، منها تصميمُ وتطويرُ رقائقِ الدَّوائرِ المتكامِلةِ، والجيلُ الثَّالثُ من الاتِّصالاتِ المُتنقِّلةِ، والموادُ المؤلَّفةُ ذاتُ الأداءِ العالي، وآلاتُ التَّحكُّمِ العدديِّ المتقدِّمةُ. وكانت البعثاتُ الفضائيَّةُ النَّاجحةُ الأكثرَ بروزاً، وتمثلتْ في ستِّ سفنِ فضاءٍ مزوَّدةٍ بالبشرِ، هي: سفينةُ الفضاءِ «شَنْتشُو 5 -Shenzhou 5» في العام 2004م، وسفينةُ الفضاءِ «شَنْتشُو 6 -Shenzhou 6» في العام 2005م، و«شَنْتشُو 7 -Shenzhou7» في العام 2008م، و«شَنْتشُوShenzhou 8 - 8» في العام 2011م، و«شَنْتشُوShenzhou - 9 - 9» في العام 2012م، و«شَنْتشُو 10 -Shenzhou 10» في العام 2013م. وأُطلقتْ مركبةُ استكشافِ القمرِ «تشَانْغ 1 -Change1»، في 24 أكتوبرَ/تشرين الأول من العام 2007م، ودخلتِ المدارَ القمريَّ في نوفمبرَ/تشرين الثاني، ثمَّ بعدَها بقليلٍ أرسلتْ أوَّلَ صورةٍ في البلادِ لسطحِ القمرِ. وقدْ كان هَذا علامةَ نجاحِ البرنامجِ الصينيِّ الأوَّلِ لاستكشافِ القمرِ. وهناك سفينةُ الفضاءِ «شَنْتشُو 7 -Shenzhou 7» التي أُطلقتْ في 25 سبتمبرَ/أيلول عام 2008م مع طاقمٍ للقيامِ بنشاطٍ فضائيٍّ خارجَ المركبةِ لأوَّلِ مرَّةٍ في الصِّينِ. وفي عام 2010م، بنى العلماءُ الصِّينيُّون جهازَ كمبيوترٍ متقدِّمٍ أُطلقَ عليه «تِيَانْهِي 1 -Tianhe 1»، وكان وقتُها أسرعَ كمبيوترٍ في العالمِ.
إلى جانبِ هذا التَّقدُّمِ في مجالِ العلمِ والتُّكنولوجيا واصلتِ الصِّينُ تحسينَ نظامِ البحثِ ودعمِ فِرَقِها البحثيَّةِ، ونشرتِ المُخطَّطاتِ الوطنيَّةَ للتَّنميةِ متوسِّطةِ المدَى وطويلةِ المدَى للعلومِ والتُّكنولوجيا، وأطلقتْ دفعةً كبيرةً مِنِ المشروعاتِ. كلُّ هذِه الجهودِ قدْ بُذلتْ وستُواصلِ الصِّينُ بذلَ تأثيرٍ عميقٍ ودائمٍ لدفعِ الابتكارِ المحلِّيِّ وبناءِ دولةٍ مُبتكِرةٍ.
وفي الأوَّلِ مِن أغسطسَ/آب عام 2011م، تمَّ إطلاقُ سفينةِ الفضاءِ الصِّينيَّةِ غيرِ المأهولةِ «شَنْتشُو 8 -Shenzhou 8» بنجاحٍ، وتمَّ الالتقاءُ والالتحامُ بـ«تِيَانْغُونْغ 1 -Tiangong 1»، وهي السَّفينةُ الجوِّيَّةُ المستهدَفةُ. وفي 16 من يونيو/حزيران عام 2012م، أطلقتِ الصِّينُ سفينةَ الفضاءِ المأهولةَ «شَنْتشُو 9 -Shenzhou 9» بمشاركةِ أوَّلِ رائدةِ فضاءٍ صينيَّةٍ. ومِن 11 إلى 26 يونيو/حزيران عام 2013م، تمَّ إطلاقُ سفينةِ الفضاءِ «شَنْتشُو 10 -Shenzhou 10»، وهِي سفينةُ فضاءٍ مأهولةٌ أخرى، أنهتْ مَهمَّتَها دونَ عقباتٍ. إلى جانبِ ذلِك، وصلتْ غوّاصة «جِيَاوْلُونْغ -Jiaolong» الصِّينيَّةُ المأهولةُ بنجاحٍ إلى عمقِ 7,000 مترٍ في التَّشغيلِ التَّجريبيِّ في 27 يونيو/حزيران عام 2012م، مَا مثَّلَ طفرةً كبرَى في المعدَّاتِ وتكنولوجيا المياهِ العميقةِ.