الشُّؤونُ الخَارِجِيَّةُ
الشُّؤونُ الخَارِجِيَّةُForeign Affairs
تسعى جمهوريَّةُ الصِّينِ الشَّعبيَّةُ دوماً إلى تبنِّي سياسةٍ خارجيَّةٍ مُستقِلَّةٍ للسَّلامِ. وتُعَدُّ السياسيّةُ الخارجيَّةُ للصِّينِ وحدةً عضويةً واحدةً تتَّسمُ بالثَّباتِ والتَّغيُّرِ في بعضِ الأحيانِ، لأنَّها تتضمَّنُ مبادئَ أساسيَّةً تظلُّ ثابتةً دوماً، وسياساتٍ وتوجيهاتٍ مُحدَّدةً يمكنُ تغييرُها وفقَ الأوضاعِ العالميَّةِ.
وينصُّ البرنامجُ العامُّ للمُؤتمرِ التَّشاوريِّ السِّياسيِّ الشَّعبيِّ الصِّينيِّ، الذي أُقرَّ في سبتمبرَ/أيلول عام 1949م ليكونَ بمنزلةِ دستورٍ مُؤَقَّتٍ للصِّينِ الجديدةِ، على أنَّهُ (ينبغي لجمهوريَّةِ الصِّينِ الشَّعبيَّةِ الحفاظُ على سياسةٍ خارجيَّةٍ تحافظُ على استقلالِها، وحريتِها، وسيادتِها الإقليميَّةِ، وينبغي دعمُ السَّلام العالميِّ المُستمرِّ والعلاقاتِ الودِّيَّةِ بينَ شعوبِ جميعِ الدُّولِ، والكفاحُ ضدَّ السياسةِ الاستعماريَّةِ المُتمثِّلَةِ في الغزوِ والحروبِ). وقدْ تمَّ التَّأكيدُ الكاملُ على هذَا المبدأ في أوَّلِ دستورٍ لجمهوريَّةِ الشَّعبِ الصِّينيِّ الذي أُقرّ وصدَر عام 1954م، إذ نصَّ هذَا الدُّستورُ أيضاً على الآتي: (في جانبِ العلاقاتِ الدَّوليَّةِ، لنْ تتوانَى الصِّينُ عن حمايةِ مبدأِ العملِ مِن أجلِ الهدفِ السَّامِي المُتمثِّلِ في تحقيقِ السَّلامِ العالميِّ وتقدُّمِ البشريَّة). وفي تمهيدِ الدُّستورِ الرَّابعِ الذي أُقرَّ في عام 1982م، صاغَتِ الصِّينُ سياستَها الخارجيَّةَ ومبدأَها في هذَا الصَّددِ بعبارةٍ أكثرَ شمولاً وتعقيدًا: (تلتزمُ الصِّينُ بسياسةٍ خارجيَّةٍ مُستقِلَّةٍ، وبالمبادئِ الخمسةِ المتمثِّلَةِ بالاحترامِ المُتبادَلِ للسِّيادةِ ووحدةِ الاراضي وعدمِ الاعتداءِ وعدمِ التَّدخُلِ في الشُّؤونِ الدَّاخليَّةِ والمساواةِ والمنفَعةِ المُتبادَلةِ والتَّعايُشِ السِّلميِّ، وتعزيزِ العلاقاتِ الدِّبلوماسيَّةِ والتَّبادُلاتِ الاقتصاديَّةِ والثَّقافيَّةِ مع الدُّول الأُخرى، ومحاربةِ الإمبرياليَّةِ والهيمنةِ والاستعمارِ، والعملِ على تعزيزِ الوحدةِ مع شعوبِ الدُّول الأُخرى، ودعمِ الشُّعوبِ المُضطهَدةِ والدُّولِ النَّاميةِ في كِفاحِها العادلِ لتحقيقِ الاستقلالِ الوطنيِّ والحفاظِ علَيه، وتطويرِ اقتصادِها الوطنيِّ، والسعيِ نحو حِفظِ السَّلامِ العالميِّ، وتعزيزِ سبيلِ تقدُّمِ البشريَّةِ).
ومنذُ خمسينياتِ القرنِ العشرين، تسعى الصِّينُ سعياً حثيثاً ومتواصِلاً نحوَ تحقيقِ السَّلامِ والاستقلالِ والصَّداقةِ والتَّنميةِ، والعملِ المُتواصِلِ مع المجتمعِ الدُّوليِّ لتحقيقِ السَّلامِ والتَّنميةِ المُشتركةِ، مع الالتزامِ الذي لا يلينُ بسياستِها الخارجيَّةِ المُتمثِّلَةِ بتعزيزِ المنافعِ المُشترَكةِ والتَّعاونِ وتحقيقِ تقدُّمِ البشريَّةِ. وفيما يتعلَّقُ بجميعِ المصاعبِ في العالمِ دائمِ التَّغيرِ، أنشأَتِ الصِّينُ علاقاتٍ دبلوماسيَّةً مع معظمِ دولِ العالمِ، وعزَّزتْ علاقاتِ الصَّداقةِ مع دولِ الجوارِ، وأحرزتْ تقدُّماً في الوحدةِ والتَّعاونِ مع الدُّولِ النَّاميةِ، ووسعتْ نطاقَ علاقاتِها الاقتصاديَّةِ والتِّجاريَّةِ والتَّبادُلِ الثَّقافيِّ مع جميعِ دولِ العالمِ. ومنذُ استعادتِها لمقعدِها الدَّائمِ في الأممِ المتَّحدَةِ في الجمعيَّةِ العامَّةِ للأُممِ المتَّحِدةِ السَّادسةِ والعشرين التي عُقدتْ في 25 أكتوبرَ/تشرين الأول عام 1971م، شهدتِ الصِّينُ زيادةً مُطَّرِدةً في مكانتِها الدُّوليَّةِ ونموًّا مُتواصِلاً لدورِها وتأثيرِها في الشُّؤونِ الدَّوليَّةِ. ولم يقتصرْ نشاطُ الصِّينِ في المدةِ ما بينَ عامي 1970م و1982م على إنشاءِ علاقاتٍ دبلوماسيَّةٍ مع 56 دولةً مِن دولِ العالمِ الثَّالثِ، بلْ إنَّها دشَّنتْ علاقاتٍ دبلوماسيَّةً قويَّةً مع معظمِ القوَى الغربيَّةِ، بما في ذلِك الولاياتُ المتَّحِدةُ وأُستراليا وكندا، كما استطاعتْ تطبيعَ علاقتِها مع اليابانَ مرَّة أخرى. وبحلولِ عام 1980م، كان عددُ الدُّولِ التي أَنشأتِ الصِّينُ علاقاتٍ دبلوماسيَّةً معَها قدْ وصل إلى 124 دولةً بعدَ أنْ كان 44 دولةً عام 1970م، ممَّا وسَّع حلقةَ أصدقاءِ الصِّينِ، ورفَع مكانتَها العالميَّةَ بدرجةٍ كبيرةٍ.
في ثمانينيَّاتِ القرنِ العشرين، أعادتِ الصِّينُ صياغةَ سياستِها الخارجيَّةِ، وقدْ نقلتْها هذِه الصياغةُ الجديدةُ إلى مرحلةٍ دبلوماسيَّةٍ جديدةٍ مكَّنتْها مِن إجراءِ التَّبادُلاتِ والتَّعاونِ الاقتصاديِّ والتِّجاريِّ والعلميِّ والتِّكنولوجيِّ والثَّقافيِّ مع أكثرَ مِن 200 دولةٍ ومنطقةٍ في جميعِ أنحاءِ العالمِ. وفي ديسمبرَ/كانون الأول عام 1984م وأبريلَ/نيسان عام 1987م على التَّرتيبِ، أولتِ الصِّينُ أهميةً قُصوَى لمسألةِ إعادةِ الوحدةِ الوطنيَّةِ مِن خلالِ التَّوصُّلِ إلى اتِّفاقٍ مع بريطانيا بشأنِ قضيةِ «هُونْغ كُونْغ -Hong Kong» ومعَ «البرتغالِ -Portugal» بشأنِ قضيةِ «مَاكَاو -Macao» وفق مَا يتماشَى مع مفهومِ: (دولةٌ واحدةٌ ونظامَان). وبعدَ أنْ حاولتِ الصِّينُ تطبيعَ علاقاتِها مع جميعِ جيرانِها تقريباً خطوةً خطوةً خلالَ التِّسعينيَّات، أصبحَ بإمكانِها الآن أنْ تتعايشَ مع جيرانِها في بيئةٍ يسودُها السَّلامُ والصَّداقةُ والوئامُ والرَّوابطُ الاقتصاديَّةُ والتِّجاريَّةُ المُتناميةُ. ونتيجةً لذلِك، عادتْ كلٌّ مِن «هُونْغ كُونْغ -Hong Kong» و«مَاكَاو -Macao» بهدوءٍ إلى أحضانِ الوطنِ الأمِّ في عامي 1997م و1999م.
وقدْ أَنشأتْ أكثرُ مِن 170 دولةً مِن بينِ 190 حولَ العالمِ علاقاتٍ دبلوماسيَّةً مع جمهوريَّةِ الصِّينِ الشَّعبيَّةِ. وتعترفُ هذِه الدُّولُ جميعاً، وكذلِك أكثرُ مِن 130 منظَّمةً دوليَّةً غير حكوميَّةٍ، مِن بينِها الأممُ المتَّحِدةُ، بأنَّه لا توجدُ في العالمِ سوَى دولةِ صينٍ واحدةٍ، وبأنَّ «تَايْوَانَ -Taiwan» جزءٌ لا يتجزأُ منْها. ومِن المعروفِ لدَى المجتمعِ الدَّوليِّ أنَّ سيادةَ الصِّينِ ووحدةَ أراضيها لا يمكنُ تجزئتُها.
وترغبُ الصِّينُ، بصفتِها عضواً في العالمِ النَّامي، بتعزيزِ التَّعاونِ القائمِ على تحقيقِ الرِّبحِ للطَّرفَين مِن أجلِ تحقيقِ الرَّخاءِ المُشترَكِ، والعملِ على بناءِ عالمٍ منسَجِمٍ. كما أنَّ الصِّينَ مُستعِدَّةٌ بشكلٍ خاصٍّ للتَّعاونِ مع الدُّولِ النَّاميةِ مِن أجلِ تحقيقِ التَّقدُّمِ المشتَركِ، وتحسينِ مستوَى المعيشةِ للشُّعوبِ، وتعزيزِ استقرارِ ورخاءِ العالمِ النَّامِي.